للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرَها، فيُدْنيه منها، فتُرفعُ له شجرةٌ عندَ باب الجنّة، هي أحسنُ منها، فيقول: ربِّ أدْنِني من هذه الشجرة أسْتَظلَّ بظِلِّها، وأشْرَبَ من مائها، فيقول: أيْ عَبدي، ألَمْ تَعاهِدني أن لا تسألَني غيرَها؟ فيقول: يا ربِّ، هذه الشجرةُ، لا أسأَلُك غيرها، ويُعاهِدُه، والرَّبُّ يَعْلَمُ أنّه سيسألُه غيرها، لأنَّهُ يَرى ما لا صبرَ له عليها، فيُدْنيه منها، فيسمعُ أصَواتَ أهلِ الجنَّةِ، فيقول: يا ربّ، الجنةَ، الجنةَ، فيقول: أيْ عبدي، ألم تعاهِدْني أنَّكَ لا تسألني غيرَها؟ فيقول: يا ربِّ أدْخِلْني الجنّةَ، قال: فيقول عزّ وجلّ: ما يَصْريني منكَ، أيْ عبدي؟ أيُرْضِيكَ أن أُعطيَكَ من الجنّة الدنيا ومثلَها معها؟ قال: فيقول: أتَهْزَأُ بي، أيْ ربِّي وأنتَ رَبُّ العِزّة؟ ". قال: فضَحِكَ عبدُ اللَّه حتى بَدَتْ نَواجِذُه، ثم قال: ألا تَسأَلُوني لِمَ ضَحِكْتُ؟ قالوا له: لِمَ ضَحِكْتَ؟ قال: لِضَحِكِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال لنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا تَسأَلُوني لِمَ ضَحِكْتُ؟ " قالوا: لِمَ ضَحِكْتَ يا رسول اللَّه؟ قال: "لضَحِكِ الرَّبِّ، حين قال: أتَهْزَأُ بِي وأنتَ ربُّ العِزّة".

انفرد بإخراجه مسلم (١).

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد. . . بمعناه وزاد:

"أتستهزىءُ مِنّي وأنت ربُّ العالمين؟ فيقول: إنّي لا أستهزىءُ منك، ولكنّي على ما أشاء قدير" (٢).

(٤٠٠٥) الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش قال: حدّثني عاصم عن زِرّ عن ابن مسعود قال:

كنتُ أرعى غنمًا لعُقبة بن أبي مُعيط، فمرَّ بي رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر، فقال: "يا غُلام، هل من لبن؟ " فقلت: نعم، ولكنّي مؤتَمن، قال: "فهل من شاة لم يَنْزُ عليها الفحل؟ " فأتيته بشاة فمسح ضَرعَها، فنزل لبنٌ، فحلَبه في إناء، فشرب وسقى أبا بكر، ثم قال للضَّرع: "اقلِصْ" فقلَصَ. قال: ثم أتَيْتُه بعد هذا فقلتُ: يا رسول اللَّه علِّمْني من هذا القول. قال: فمسح رأسي وقال: "يرحمُك اللَّه، فإنَّك غُلَيِّمُ مُعَلَّم" (٣).


(١) المسند ٦/ ٢٥٣ (٣٧١٤) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) المسند ٧/ ١٤ (٣٨٩٩). ومن طريق عفّان في مسلم ١/ ١٧٤ (١٨٧).
(٣) المسند ٦/ ٨٢ (٣٥٩٨). ورجاله رجال الصحيح، عدا عاصم بن بهدلة، وهو حسن الحديث. وقد صحّحه ابن حِبّان ١٥/ ٥٣٦ (٧٠٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>