للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباد، وأراد أن يُخرج من النّار من أراد أن يرحمَ ممن كان يشهدُ أن لا إله إلّا اللَّه، أمرَ الملائكة أن يُخرجوهم، فيعرفونهم بعلامه آثار السجود، وحرَّم اللَّه عزّ وجلّ على النّار أن تأكل من ابن آدم أثرَ السجود، فيُخرجونهم قد امتحشوا، فيُصَبُّ عليهم من ماء يقال له ماء الحياة، فينبُتون نباتَ الحِبّة في حميل السيل، ويبقى رجلٌ يُقبل بوجهه إلى النّار، فيقول: أيْ ربِّ، قد قَشَبَني ريحُهَا، وأحرَقَني ذَكاؤها، فاصرِفْ وجهي عن النّار. فلا يزالُ يدعو اللَّهَ حتى يقولَ: فلعلّي إنّ أعطيتُك ذلك أن تسألَني غيرَه. فيقول: لا وعزّتِك، لا أسألُك غيرَه، فيصرفُ وجهه عن النّار، فيقول بعد ذلك: يا ربِّ قرِّبْني إلى باب الجنّة، فيقول: أوليسَ قد زعمْتَ ألّا تسألَني غيره، ويلك يا ابن آدَم، ما أغدرَك! قال: ولا يزالُ يدعو حتى يقول: فلعلّي إنّ أعطيْتُك ذلك أن تسألَني غيرَه. فيقول: لا وعزّتِك، لا أسألُك غيرَه، ويعطي اللَّه عزّ وجلّ من عهوده ومواثيقه ألّا يسأل غيرَه، فيقرِّبُه إلى باب الجنَّة، فإذا دنا منها انفَقَهتْ له الجنّة، فإذا رأى ما فيها من الحَبرة والسُّرور سكتَ ما شاء اللَّه أن يسكُت، ثم يقول: يا ربّ، أدْخِلْني الجنّة، فيقول: أوليس قد زعمْتَ ألّا تسألَني غيرَه، وقد أعطيْتَ عهودك ومواثيقك ألّا تسألَني غيرَه؟ فيقول: يا ربّ، لا تجعلْني أشقى خلقِك. فلا يزال يدعو اللَّه عزّ وجلّ حتى يضحكَ منه فيأذنَ له بالدّخول (١)، فإذا دخل قيل له: تمنَّ من كذا، فيتمنّى، ثم يقال له: تمنَّ من كذا، فيتمنّى، حتى تنقطعَ به الأمانيُّ، فيُقالُ له: هذا لك ومثلُه معه".

قال: وأبو سعيد جالسٌ مع أبي هريرة لا يُغيِّر عليه شيئًا من قوله، حتى انتهى إلى قوله: "هذا لك ومثلُه معه" قال أبو سعيد: سمعتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "هذا لك وعشرة أمثاله" قال أبو هريرة: حفظتُ: "ومثله معه".

قال أبو هريرة: وذلك الرجلُ آخرُ أهلِ الجنّةِ دخولًا الجنّة.

أخرجاه (٢).

وفيه كلمات لغويّة قد ذُكرت في مسند أبي سعيد (٣).


(١) في المسند: "حتى يضحك، فإذا ضحك منه أذن له بالدّخول فيها. . . ".
(٢) المسند ١٣/ ١٤٣ (٧٧١٧)، والبخاري ١١/ ٤٤٤، ٤٤٦ (٦٥٧٣، ٦٥٧٤)، وينظر ٢/ ٦٩٢ (٨٠٦)، ومن طريق الزهري في مسلم ١/ ١٦٣ (١٨٢).
(٣) ينظر الحديث (١٩٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>