للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* طريق آخر:

حدّثنا البخاري قال: حدّثني محمد بن الحكم قال: أخبرنا النضر قال: أخبرنا إسرائيل قال: أخبرنا سعد الطائي قال: أخبرنا مُحِلّ بن خليفة عن عديّ بن حاتم قال:

بينا أنا عند النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ أتاه رجلٌ فشكا إليه الفاقةَ، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطعَ السبيل. فقال: "يا عديُّ، هل رأيتَ الحِيرةَ؟ " قلت: لم أرَها، وقد أُنْبِئتُ عنها. قال: "فإن طالت بك حياة لَتَرَيَنَّ الظعينةَ ترتحلُ من الحيرة حتى تطوفَ بالكعبة لا تخاف أحدًا إلا اللَّه". قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين ذُعّار طيء الذين قد سَعَّرُوا البلاد؟ "ولَئنْ طالت بك حياةٌ لتُفْتَحَنَّ كنوزُ كسرى" قلت: كسرى بن هُرْمُز؟ قال: "كِسرى بن هُرْمُز، ولئن طالت بك حياةٌ لَتَرَينّ الرجلَ يُخْرِجُ مِلءَ كَفّه من ذهب وفضّة يطلبُ من يقبله منه فلا يجد أحدًا يقبلُه منه. ولَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أحدُكم يومَ يلقاه وليس بينه وبينه تَرْجُمان يُتَرْجِم له، فلَيقولَنّ: ألم أبعَث إليك رسولًا يبلِّغك؟ فيقول: بلى. فيقول: ألم أُعْطِك مالًا، وأُفْضِلْ عليك؟ فيقول: بلى. فينظر عن يمينه فلا يرى إلّا جهنّم، وينظرُ عن يساره فلا يرى إلا جهنّم". قال عديّ: فسمعْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اتَّقُوا النّار ولو بِشِقّ تمرة، فمن لم يجدْ شِقَّ تمرة فبكلمة طيّبة".

قال عديّ: فرأيتُ الظَّعِينةَ ترتحلُ من الحيرة حتى تطوفَ بالكعبة لا تخاف إلّا اللَّه. وكنتُ فيمن افتتحَ كنوزَ كسرى بن هرمز. ولئن طالت بكم حياةٌ لَتَرَوُنّ ما قالَ أبو القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم-، يُخرِج الرجلُ ملءَ كفّيه.

انفرد بإخراجه البخاريّ، وأخرج مسلم بعضه (١).

(٥٣٠٥) الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن أبي عديّ عن ابن عون عن محمد -يعني ابن سيرين- عن ابن حذيفة قال:

كنتُ أحدّثُ حديثًا عن عديّ بن حاتم، فقلت: هذا عديّ في ناحية الكوفة، فلو أتيتُه، فأتيْتُه. فقلْتُ: إنّي كنتُ أُحَدّثُ عنك حديثًا وأردْتُ أن أسمعه منك. قال:

لما بعث اللَّه عزّ وجلّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فرَرْتُ منه حتى كنتُ في أقصى أرض المسلمين (٢) ممّا يلي الرّوم. قال: فكَرِهْتُ مكاني الذي أنا فيه حتى كنتُ له أشدّ كراهية منّي من حيث


(١) البخاري ٦/ ٦١٠ (٣٥٩٥) وينظر مسلم - السابق.
(٢) في الأصل "أرض الروم" وأثبت ما في المسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>