للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخرَجوا منهم اثني عشر نقيبًا، منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس.

وأما مَعْبدُ بن كعب فحدَّثني في حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك قال: كان أولَ من ضربَ على يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- البراءُ بن معرور، ثم تتابع القوم، فلما بايَعْنا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صرخَ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمِعْته قطّ: يا أهلَ الجَباجِب -والجَباجبُ: المنازل- هل لكم في مُذَمَّم والصباة معه، قد أجمعوا على حربكم. فقالَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا أزَبُّ العقبة، هذا ابن أَزْيَبَ (١). اسمعْ أيْ عدوَّ اللَّه، أما واللَّه لأفْرَغَنّ لك". قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارفعوا إلى رحالكم" فقال له العبّاس بن عبادة بن فضلة: والذي بعثك بالحقّ، لئن شئتَ لنَمِيلَنَّ على أهل مِنى غدًا بأسيافنا. قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم أؤمَرْ بذلك".

قال: فرجَعْنا فَنِمْنا حتى أصبَحْنا، فلما أصبحْنا غدَت علينا جِلَّةُ قُريش حتى جاءونا في منازلنا. فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بَلَغَنا أنّكم قد جِئتُم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتُبايعونه على حربنا. واللَّه إنّه ما من العرب أحدٌ أبغضَ إلينا أن تنشَبَ الحربُ بيننا وبينه منكم. قال: فانبعث مَنْ هنالك من مشركي قومنا يحلفون لهم باللَّه ما كان من هذا من شيء، وما عَلِمْناه. وقد صدَقوا، لم يعلموا ما كان منّا. قال: فبعضُنا ينظرُ إلى بعض. قال: وقام القوم وفيهم الحارث بن هشامِ بن المغيرة المخزومي، وعليه نعلان جديدان، قال: فقلت كلمة كأنّي أريدُ أن أَشْركَ القومَ فيما قالوا: أما تستطيع يا أبا جابر وأنس سيّدٌ من ساداتنا أن تَتَّخِذَ نعلين مثل نَعْلَي هذا الفتى من قريش؟ فسمعها الحارث، فخلَعَها ثم رمى بهما إليّ [فقال: واللَّه لتنتعِلَنَّهما. قال: يقول أبو جابر: أحْفَظْتَ واللَّه الفتى، فارْدُدْ عليه نعليه. قال]: فقلت: واللَّه لَا أرُدُّهما. فَألٌ -واللَّه- صالح، واللَّه لئن صدق الفأل لأسْلُبَنّه.

فهذا حديث كعب بن مالك عن العقبة، وما حضر منها (٢).

* * * *


(١) في المسند: "قال عليّ بن إسحق: ما يقول عدو اللَّه محمّد. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " وأزبّ: اسم الشيطان والأزيب لغة: العداوة.
(٢) المسند ٢٥/ ٨٩ (١٥٧٩٨). وهو عن ابن إسحق في سيرة ابن هشام ٢/ ٦١، ومن طريق ابن إسحق أخرجه الطبراني ١٩/ ٨٧ (١٧٤). وعزاه الهيثمي في المجمع ٦/ ٥٤ لأحمد والطبراني، قال: ورجال أحمد رحال الصحيح، عدا ابن إسحق، وقد صرّح بالسماع. وقال محقّقو المسند: حديث قوي، وهذا إسناد حسن. . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>