للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لقيط: فقلت: أقصى ما نحن بالغون إليه ومنتهون (١).

قلت: يا رسول اللَّه، فعلام أُبايعك؟ فبسط النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يده وقال: على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وزِيال الشرك، وألّا تُشْرِكَ باللَّه غيره".

قلت: وإنّ لنا ما بين المشرق والمغرب؟ فقبض النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يدَه وبسط أصابعه، وظنّ أنّي مُشترط شيئًا ما يُعطينيه. قال: قلت: نَحُلُّ منها حيثُ شِئْنا، ولا يجني امرؤ إلّا على نفسه؟ فبسط يدَه وقال: "ذلك لك، تَحُلُّ حيث شئتَ، ولا يجني عليك إلّا نفسُك".

قال: فانصرفنا، وقال: "هذان -لَعَمْرُ إلهك- مِن أتقى النّاس في الدنيا والآخرة" فقال له كعب (٢): من هم يا رسول اللَّه؟ قال: "بنو المُنْتَفِق أهل ذلك".

فانصرفْنا. وأقْبَلْتُ عليه فقلتُ: يا رسول اللَّه، هل لأحدٍ فيما مضى في جاهليّتهم من خير؟ قال رجلٌ من عُركما قرلِش: واللَّه إنّ أباك المُنْتَفِق لفي النّار. قال: فلكأنّه وقع حَرٌّ بين جلدي ووجهي ممّا قال لأبي على رؤوس النّاس، فهَمَمْتُ أن أقول: وأبوك يا رسول اللَّه (٣)؟ ثم قلت: يا رسول اللَّه، وأهلك؟ قال: "وأهلي، لعمرو اللَّه ما أتيتَ عليه من قبرِ عامريّ أو قرشي مشرك فقل: أرسلَني إليكَ محمد فأُبَشِّرُك بما يسوءُك، تُجَرُّ على وجهك وبطنِك في النّار".

قال: قلت: يا رسول اللَّه، ما فُعِلَ بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يُحسنون إلّا إيّاه، وكانوا يحسَبون أنهم مُصلحون؟ قال: "ذلك لأنّ اللَّه بعث في آخر كلّ سبع أُمم نبيًّا، فمن عصى نبيَّه كان من الضالّين، ومن أطاع نبيَّه كان من المهتدين" (٤).


(١) في المسند "فلم يُجبه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٢) في المسند: "فقال كعب بن الخُدارية، أحد بني بكر بن كلاب. . " ينظر الإصابة ٣/ ٢٧٨.
(٣) في المسند: "ثم إذا الأخرى أجمل، فقلت. . . ".
(٤) المسند ٤/ ١٣. ومن طريق عبد الرحمن بن المغيرة أخرجه الطبراني ١٩/ ٢١١ (٤٧٧). وابن أبي عاصم السنة ١/ ٤٤٠ (٦٤٩). وقال الهيثمي ١٠/ ٣٤١، رواه عبد اللَّه، والطبراني بنحوه، وأحد طريقي عبد اللَّه إسنادها متّصل ورجالها ثقات، والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطًا (وهو هذا). وأخرجه الحاكم ٤/ ٥٦٠ من طريق يعقوب بن [محمد بن] عيسى عن عبد الرحمن بن المغيرة، وصحّح إسناده، وأعلّه الذهبي بيعقوب. وفي تهذيب التهذيب - ترجمة عاصم بن لقيط، قال ابن حجر ٣/ ٤١: وهو حديث غريب جدًّا. وقال ابن كثير في البداية ٥/ ٩٢: هذا حديث غريب جدًّا، وألفاظه في بعضها نكارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>