للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل عن أيوب عن أبي قِلابة:

أن الطاعون وقع بالشام، فقال عمرو بن العاص: إنّ هذا الرِّجزَ قد وقع، ففِرُّوا منه في الشِّعاب والأدوية، فبلغَ ذلك مُعاذًا، فلم يُصَدِّقْه بالذي قال، فقال: بل هو شهادةٌ ورحمةٌ ودعوة نبيِّكم -صلى اللَّه عليه وسلم-، اللهمّ أَعْطِ معاذًا وأهلَه نصيبَهم من رحمتك.

قال أبو قلابة: فعَرَفْتُ الشهادةَ وعَرَفْتُ الرّحمة، ولم أَدرِ ما دعوةُ نبيِّكم، حتى أُنْبِئْتُ: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بينما هو ذاتَ ليلة يصلّي، إذ قال في دعائه: "فحُمّى إذًا أو طاعون، فحُمّى إذًا أو طاعون" ثلاث مرّات. فلمّا أصبح قال له إنسان من أهله: يا رسول اللَّه، لقد سَمِعْتُك الليلةَ تدعو بدعاء. قال: "وسَمِعْتَه؟ ". قال: نعم. قال: "إنّي سألتُ ربّي عزّ وجلّ إلا يُهْلِكَ أُمّتي بسَنَة، فأعطانيها، وسألتُه إلا يُسَلِّطَ عليهم عدوًّا من غيرهم (١) فأعطانيها، وسألتُه إلا يُلْبِسَهم شِيَعًا ويُذيقَ بعضَهم بأسَ بعض، فأبى عليّ، أو قال: فَمَنَعَنِيها. فقلت: حُمّى إذًا أو طاعون (٢)، حُمّى إذا أو طاعون، حُمّى إذًا أو طاعون" (٣).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد الزُّبيري قال: حدّثنا مُسَرَّةُ بن معبد عن إسماعيل ابن عبيد اللَّه قال: قال معاذ بن جبل:

سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ستُهاجرون إلى الشام فيُفْتَحُ لكم، ويكونُ فيكم داء كالدُّمّل أو كالحَرّة يأخُذُ بمَراقِّ الرجُلِ، يَسْتَشْهِدُ اللَّهُ به أنفُسَهم، ويُزَكّي به أعمالُهم". اللهمّ إن كنتَ تعلمُ أن معاذ بن جبل سَمِعَه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأعطِهِ هو وأهلَ بيته الحظَّ الأوفر منه. فأصابهم الطاعونُ، فلم يبقَ منهم أحد، فطُعِنَ في إصبعه السّبّابة، فكان يقول: ما يَسُرُّني أن لي بها حُمْرَ النَّعَم (٤).


(١) في المسند "فيستبيحهم".
(٢) في المسند "أو طاعونًا" بالنصب. ووجّهَ العكبري النصب بفعل محذوف تقديره: فيُسَلِّط أو فيُلقي. إعراب الحديث ٣٠٦.
(٣) المسند ٥/ ٢٤٨. وهو منقطع. قال في المجمع ٢/ ٣١٤: أبو قلابة لم يدرك معاذ بن جبل. وقد جعله ابن كثير من الأحاديث التي تفرّد بروايتها الإمام أحمد - الجامع ١١/ ٤٩٩ (٨٧٧٩).
(٤) المسند ٥/ ٢٤١. قال ابن حجر في الإتحاف ١٢/ ٢٢٣: هو منقطع. وقال الهيثمي ٢/ ٣١٤: إسماعيل بن عبيد اللَّه لم يُدرك معاذًا. وقال ابن كثير: تفرّد به. الجامع ١١/ ٣٦٥ (٨٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>