للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غضبًا شديدًا، ثم قال: "واللَّه لا تَجِدون بعدي أحدًا أعدلَ عليكم مني" قالها ثلاثًا.

ثم قال: "يخرجُ من قِبَل المشرق رجالٌ كأنّ هذا منهم، هَدْيُهم هكذا، يقرءون القرآن لا يُجاوِزُ تراقِيَهم، يمرُقون من الدّين كما يمرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيّة، لا يرجعون إليه" ووضع يده على صدره. "سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرُجُ آخرُهم، فإذا رأيتُموهم فاقتلوهم -قالها ثلاثًا- شرُّ الخلق والخليقة" قالها ثلاثًا (١).

(٦٤٩٦) الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد - يعني ابن سلمة عن ثابت عن كِنانة بن نُعيم العدويّ عن أبي بَرزة الأسلميّ.

أن جُلَيْبِيبًا كان امرأً يدخلُ على النساء، يَمُرُّ بهنّ ويلاعِبُهنّ، فقلت لامرأتي: لا تُدْخِلْن عليكن جُلَيْبيبًا، فإنّه إنّ دخَلَ عليكنّ لأفعلَنّ ولأفعلَنّ. قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيَّمٌ لم يزوِّجْها حتى يَعْلَمَ: هل لنبيِّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها حاجةٌ أم لا. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لرجل من الأنصار: "زَوِّجْني ابنَتَك" قال: نعم، وكرامةً يا رسول اللَّه ونُعمةَ عين. قال: "إنّي لستُ أريدُها لنفسي" قال: فلمن يا رسول اللَّه؟ قال: "لجُلَيبيب" فقال: يا رسول اللَّه، أشاوِر أمّها. فأتى أمَّها. فقال: رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطُبُ ابنتك. فقالت: نعم، ونعمة عين. فقال: إنّه ليس يخطُبُها لنفسه، إنّما يخطُبُها لجُليبيب. فقالت: أجليبيب إنيه (٢)! لا، لعَمْرُ اللَّه، لا نُزَوِّجُه. فلما أراد أن يقومَ ليأتيَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليُخْبِرَه بما قالت أمّها، قالت الجارية: من خطبَني إليكم؟ فأخبَرْتها أمُّها. فقالت: أتَرُدُّونَ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَه، ادفعوني، فإنّه لن يُضَيِّعَني. فانطلَق أبوها إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبره. قال: شأنَك بها، فزوَّجَها جُلَيْبيبًا.

قال: فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزاة له، قال: فلما أفاء اللَّهُ عليه قال لأصحابه: "هل تفقِدون من أحد؟ " فقالوا: نفقِدُ فلانًا ونفقِدُ فلانًا. قال: "انظُروا، هل تفقِدون من أحد؟ " قالوا: لا. قال: "لكنّي أفقِد جُليبيًا" قال: "فاطلبوه". فطلبوه. فوجدوه إلى جنب سبعة،


(١) المسند ٤/ ٤٢١ وشريك بن شهاب، روى له النسائي، وهو مقبول - التقريب ١/ ٢٤٣. ومع ذلك جعل الحاكم إسناده صحيحًا على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي ٢/ ١٤٦. ومن طريق حمّاد أخرجه النسائي ٧/ ١١٩، وقال: شريك بن شهاب ليس بذلك المشهور، وضعّفه الألباني.
(٢) وردت العبارة في المسند ثلاث مرات. وهي كلمة تقولها العرب للإنكار. ينظر النهاية ١/ ٧٨. وفي الجمع: "الأُبنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>