للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية التنوخي رسول هِرقل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

(٦٩٧٣) حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحاق بن عيسى قال: حدّثني يحيى بن سُلَيم

عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن سعيد بن أبي راشد قال:

لقيتُ التنوخيّ رسولَ هِرقل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحمص، وكان جارًا لي شيخًا كبيرًا،

قد بلغ الفَنَدَ (١) أو قَرُبَ، فقلت: ألا تُخْبِرُني عن رسالة هِرقل إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ورسالة رسول

الله -صلى الله عليه وسلم- إلى هِرَقل؟ قال: بلى.

قَدِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- تبوكًا، فبعثَ دِحية الكلبي إلى هِرقل، فلمّا أن جاءه كتابُ رسول

الله -صلى الله عليه وسلم-ٍ دعا قِسِّيسي الروم وبطارقتَها ثم أغلق عليه وعليهم الدار، وقال: قد نزل هذا الرجلُ

حيث رأيتُم، وقد أرسلَ إليَّ يَدعوني إلى ثلاث خِصال: إلى أن أتّبِعَه على دينه، أو إلى أن

نُعطية مالًا جملى أرضنا، والأرضُ أرضُنا، أو نُلقِيَ إليه الحرب. واللهِ لقد عَرَقتُم فيما قرَأتُم

من الكتب ليأخُذَنّ ما تحت قدَميَّ، ففَلمَّ نَتَّبِعْه على دينه، أو نعطيه مالنا على أرضنا.

فنَخَروا نَخْرَةَ رجلٍ واحد حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا: تدعونا إلى أن نَذَرَ النصرانية أو

نكونَ عبيدًا لأعرابيّ جاء من الحجاز! فلمّا ظنّ أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم،

رَفَأَهم (٢) ولم يَكَدْ، وقال: إنّما قلتُ ذلك لأعلمَ صلابتَكم على أمركم.

ثم دعا رجلًا من عرب تُجيبَ كان على نصارى العرب، فقال: ادعُ لي رجلًا حافظًا

للحديث عربيّ اللسان أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه، فجاءني، فدفع إليّ هِرقلُ كتابًا

وقال: اذهب بكتابي إلى هذا الرجل، فما ضَيَّعْتَ من حديث فاحفظ لي منه ثلاث

خصال: انظر، هل يذكر صحيفته التي كتبَ إليّ بشيء؟ وانظر إذا قرأ كتابي، هل يذكر

الليل؟ وانظر في ظهره: هل به شيءٌ يَريبك؟ فانطلقْسث بكتابه حتى جئتُ تبوك، فإذا هو

جالسٌ بين ظهرانَي أصحابه، مُحْتَبِيًا على الماء، فقلت: أين صاحبُكم؟ قيل: : هاهو ذا،

فأقبلْتُ أمشي حتى جلسْتُ بين يديه، فناوَلْتُه كتابي، فوضعَه يْر حِجره ثم قال: "ممّن

أنت؟ " فقلت: أنا أحد تنوخ. فقال: "هل لك في الإسلام، الحنيفيّة ملةِ أبيكِ إبراهيم؟ "


(١) أي كبر وخرف.
(٢) رفأه: هَدّأه وسكّنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>