للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٣٦٠) الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن عبد اللَّه بن رباح عن أبي قتادة قال:

كنّا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، فقال: "إنّكم إلّا تدركوا الماء غدًا تعطشوا" وانطلقَ سَرَعانُ النّاسِ يريدون الماء، ولَزِمْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمالت برسول اللَّه راحلتُه، فنَعَسَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فدَعَمْتُه فادَّعَم، ثم مال، فدعمْتُه فادّعم، ثم مال حتى كاد ينجفل عن راحلته فدعَمْتُه، فانتبه فقال: "من الرجلُ؟ " قلتُ: أبو قتادة. قال: "منذُ كم كان مسيرَك؟ " قلتُ: منذُ الليلةِ. قال: "حَفِظَك اللَّهُ كما حَفِظْتَ رسولَه". ثم قال: "لو عرَّسْنا" فمال إلى شجرة فنزل فقال: "انْظُر، هل ترى أحدًا؟ " قال: قلت: هذا راكب، هذان راكبان، حتى بلغ سبعة. فقال: "احفظوا علينا صلاتنا" فقُمْنا، فما أيقظَنا إلّا حرُّ الشمس، فانتَبهْنا، فركب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسار، وسِرْنا هُنَيَّةً، ثم نزل فقال: "أمعكم ماء؟ " قلت: نعم، معي مِيضأة فيها شيء من ماء. قال: "ائتِ بها" فأتيتُه بها، فقال: "مَسُّوا منها، مَسّوا منها". "فتوضّأ القوم وبَقِيت جَرعة، فقال: "ازْدَهر بها يا أبا قتادة، فإنّه سيكون لها نبأ" ثم أذّنَ بلالٌ، وصلَّوا الرَّكعتين قبل الفجر، ثم صلَّوا الفجرَ، ثم ركب وركبنا، فقال بعضهم لبعض: فرَّطْنا في صلاتنا. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما تقولون؟ إنْ كان أمرُ دنياكم فشأنُكم، وإن كان أمرُ دينكم فإليّ" قُلْنا: يا رسول اللَّه، فرّطْنا في صلاتنا. فقال: "لا تفريطَ في النوم، إنّما التفريط في اليَقَظة، فإذا كان ذلك فصلُّوها، ومن الغد وقتها".

ثم قال: "ظُنّوا بالقوم" قالوا: إنّك قُلتَ بالأمس: "إلّا تُدركوا الماء غدًا تعطشوا". والنّاس بالماء، فقال: "أصبح النّاس وقد فقدوا نبيَّهم، قال بعضُهم: إنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالماء، وفي القوم أبو بكر وعمر، فقالا: أيّها الناسُ، إنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن ليسبقَكم إلى الماء ويُخَلِّفَكم، وإن يُطعِ النّاسُ أبا بكر وعمر يَرْشُدوا" قالها ثلاثًا.

فلمّا اشتدّت الظهيرةُ رُفعَ لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: يا رسول اللَّه، هَلَكْنا، عَطِشْنا، انقطعتِ الأعناق. فقال: "لا هُلْكَ عليكم" ثم قال: "يا أبا قتادة، ائتِ بالميضأة" فأتيتُه بها، فقال: "احْلُلْ لي غُمَري" يعني قَدَحَه، فحَلَلْتُه فأتيْتُه به، فجعل يصُبُّ فيه ويسقي النّاس. فازدحم النّاسُ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيُّها الناسُ، أحْسِنُوا المَلأَ، فكلُّكم سيصدر عن رِيّ" فشربَ القومُ حتى لم يَعُدْ غيري وغيرُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصبَّ لي فقال: "اشربْ يا أبا قتادة" قلت: اشربْ أنت يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "إنّ ساقي القومِ آخرُهم" فشربتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>