للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: العصمة السيف. كان قتادة يقول: المراد بالسيف ها هنا الرِّدّة التي كانت في زمن أبي بكر (١).

وقوله: على أقذاء: أي فساد من القلوب شُبِّه بأقذاء العين.

وقوله: هُدنة على دَخَن. الهدنة: السكون. والدَّخَن: الدخان. والمعنى أنّها على غير صفاء.

والجِذل: أصل الشجرة يقطع.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النَّضر قال: حدّثنا سليمان بن المُغيرة قال: حدّثنا حُمَيد ابن هلال قال: حدّثنا نصر بن عاصم اللّيثيّ قال: أتيتُ اليَشكُرِيَّ في رَهط (٢) فقلْنا: أتيناك نسألُك عن حديث حذيفة، قال:

أقبلْنا مع أبي موسى قافلين، وغَلَتِ الدَّوابُّ بالكوفة، فاستأذنْتُ أنا وصاحبٌ لي أبا موسى فأذِنَ لنا، فقَدِمْنا الكوفة باكرًا، فقلتُ لصاحبي: إنّي داخلٌ المسجد، فإذا قامت السُّوقُ خرجتُ إليك. قال: فدخلتُ المسجد، فإذا فيه حَلقة يستمعون إلى حديث رجلٍ، فقُلْتُ لرجل إلى جنبي: من هذا؟ فقال: هذا حذيفة، فدنوتُ فسمعْتُه يقول:

كان النّاس يسألون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الخير وأسأله عن الشرّ، وعرفتُ أن الخير لن يسبقَني، قلت: يا رسول اللَّه، أبعدَ هذا الخير شرّ؟ قال: "يا حذيفة، تعلَّمْ كتابَ اللَّه واتَّبعْ ما فيه" ثلاث مرار. قال: قلت: يا رسول اللَّه، أبعدَ هذا الخير شرّ، قال: "فتنة وشرّ" قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، أبعد هذا الشرِّ خيرٌ. قال: "هُدنة على دَخَن، وجماعة على أقذاء". قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، الهدنة على دَخَن ما هي؟ قال: "لا ترجعُ قلوبُ أقوامٍ على الذي كانت عليه" قال: قلت: يا رسول اللَّه، أبعد هذا الخير شرٌّ؟ قال: "فتنة عمياء صمّاء، عليها دعاةٌ على أبواب النّار، وأن تموتَ يا حذيفةُ وأنت عاضٌّ على جِذْلٍ خيرٌ لك من أن تَتْبَع أحدًا منهم" (٣).


(١) المسند ٥/ ٤٠٣.
(٢) في المسند "من بني ليث" وقد اختصر المؤلّف من هذا الحديث عدّة عبارات من مواضع مختلفة، كسابقه.
(٣) المسند ٥/ ٣٨٦، وسنن أبي داود من طريق سليمان ٤/ ٩٦ (٤٢٤٦). ومثله في صحيح ابن حبّان ١٣/ ٢٩٨ (٥٩٦٣). وصحّح محقّق ابن حبّان إسناده، وأطال في تخريجه، وحسّنه الألباني. وينظر المستدرك ٤/ ٤٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>