الدائمة الباقية وهي العزة الحقيقية. والعزة التي للكافر هي التعزز. وهي في الحقيقة ذل ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:"كل عز ليس بالله فهو ذل {قوله تعالى:} ليكونوا لهم عزًا {[مريم: ٨١] أي ليمتنعوا بهم من العذاب. قوله:} من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا {[فاطر: ٨١] معناه: من كان يريد أن يعز فإنه يحتاج أن يكتسب من الله [العزة] فإنها له وقد تستعار للحمية والأنفة المذمومة، وذلك في قوله:} أخذته العزة بالإثم {وقد تستعار العزة للصعوبة ومنه قوله تعالى:} عزيز عليه ما عنتم {[التوبة: ١٢٨] أي صعب عليه مشقتكم. وقيل: من عزيز. أي غلب سلب. وعز المطر الأرض: صلبها. وقد تستعار العزة للقلة اعتبارًا بما قيل: كل موجودٍ ملول مفقودٍ مطلوب.
واستعز فلان: إذا غلب بمرضٍ أو موتٍ. قوله:} وإنه لكتاب عزيز {[فصلت: ٤١] أي يصعب وجود مثله. وفي الحديث: "فاستعز برسول الله صلى الله عليه وسلم" أي اشتد به المرض وأشرف على الموت. وفلان معزاز المرض، أي شديده. وقال ابن عمر لجماعةٍ اشتركوا في قتل صيدٍ: إنكم لمعزز بكم" أي مشدد بكم. وكانوا قالوا: على كل منا جزاء فأفتاهم بجزاءٍ وحدٍ. قوله تعالى:} فعززنا بثالثٍ {[يس: ١٤] أي قوينا. وقرئ مخففًا ومشددًا وفي التشديد مبالغة، يقال عززته وعززته: قويته وشددته. وفي كتابه عليه الصلاة والسلام لقومٍ:"وأن لهم عزازها" أي ما اشتد وصلب من الأرض، وذلك يكون في أطراف الأرض.
من ظرف ما يحكى أن الزهري قال: كنت أختلف إلى أبي عبيد الله بن عتبة بن مسعودٍ فكنت أخدمه. وذكر جهده في الخدمة، فقدرت أني استنظفت ما عنده، فلما خرج لم أقم له ولم أظهر من تكرمته ما كنت أظهره من قبل. قال: فنظر إلى فقال: "إنك في العزاز - أي أنت في الأطراف من العلم لم تتوسطه بعد - فقم" قوله: {أعزة}