للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي أشداء {على الكافرين} [المائدة: ٥٤] كما صرح بهذا الوصف عينه نفسه في موضعٍ وقال:} أذلةٍ على المؤمنين {وقال:} رحماء بينهم {[الفتح: ٢٩] فما أحلى تفنن القرآن وانتقال أساليبه! قوله:} ذق إنك أنت العزيز الكريم {[الدخان: ٤٩] من باب التهكم، أي أنت الهين الذليل. وقيل: العزيز عند نفسك هين عندنا. وفي التفسير: "إن أبا جهلٍ رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أولى لك. فقال: إني لكذا وكذا وإني العزيز" فنزلت قوله تعالى:} أفرأيتم اللات والعزى {[النجم: ١٩] اسم صنمٍ، وكذا اللات اشتقوها من لفظ العز. وقال قائل يوم بدرٍ: إن لنا العزى ولا عزى لكم، فقال عليه الصلاة والسلام: "أجيبوهم: الله مولانا ولا مولى لكم" فأنزل الله تعالى ذلك} بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم {[محمد: ١١] وهذه هي التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانة ناصرة شعرها، وكان يرتجز.

ع ز ل:

قوله تعالى:} وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون {[الدخان: ٢١] أي تنحوا عني واتركوني. وقال ابن عرفة: أي فدعوني كفافًا لا علي ولا لي. ولا يفهم هذا المعنى من هذا اللفظ. وأصل الاعتزال تجنب الشيء بأمارةٍ وولايةٍ أو غيرهما. وتارًة يكون في الظاهر كالاعتزال بالبدن، وتارًة في الباطن كالاعتزال في الاعتقاد؛ قوله:} وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون {[الكهف: ١٦] فهذا من الظاهر بالبدن لأنهم فروا منهم. وقيل: بالقلب. يعني: إذا خالفتموهم في معتقدهم فانجوا إلى غارٍ تعبدون الله فيه. ويقال: عزلته واعتزلته وتعزلته فاعتزل؛ وأنشد للأحوص: [من الكامل]

١٠٢٢ - يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدى وبه الفؤاد موكل

إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسمًا إليك مع الصدود لأميل

<<  <  ج: ص:  >  >>