قوله تعالى:} وأن ألق عصاك {[القصص: ٣١]. العصا معلومة، وجمعها عصي بكسر الفاء وضمها وهو الأصل، وهي من ذوات الواو. والأصل عصوو؛ الأولى واو فعول والثانية لام الكلمة؛ قال تعالى:} فإذا حبالهم وعصيهم {[طه: ٦٦]. والتثنية عصوان. وعصوته: ضربته بالعصا، وعصيته: ضربته بالسيف. ففرقوا بين المعنيين بالحرفين. قوله:} قال هي عصاي {[طه: ١٨] هذه هي اللغة الفصيحة. وقرئ "عصي" على لغة هذيلٍ؛ قال شاعرهم:[من الكامل]
وفي المثل:"ألقى عصاه" كناية عمن يطرح الأمور. وألقى عصاه، أي دقم من سفره، لأنها حالة المسافر غالبًا عندهم؛ قال شاعرهم:[من الطويل]
١٠٥٢ - فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عينًا بالإياب المسافر
قال أبو عبيدٍ: وأصل العصا: الاجتماع والائتلاف. ومنه قولهم: من شق عصا المسلمين، أي فارق جماعتهم. وقال غيره: إنما ذلك تمثيل بمن شق العصا نصفين؛ فنصفها يفرق من الآخر ولا يعود يلتئم معه، فضربه ذلك مثلاً لكل مفارقٍ. وفي الحديث:"لا ترفع عصاك عن أهلك" كناية عن تأديبهم وجمعهم على طاعة الله تعالى. وقوله عليه الصلاة والسلام:"لا يضع العصا عن عاتقه" قيل: كناية عن كثرة سفره لقولهم في الإياب: ألقى عصاه. قال الشاعر:"فألقت عصاها"، البيت. وقيل: كناية عن كثرة