للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربانية بهم، وإلا فالبشر من حيث هو بشر يعجز عن اكتساب مثل هذه الأشياء، ولا تجيء إلا بالفيض الإلهي خلافًا لمن ضل وزعم أن النبوات تكون بالاكتسابات وبما أولاهم من الفضائل الجسمية والنفسية، وبالنصرة وتثبيت أقدامهم بما أنزله عليهم من السكينة وربط الجأش، حتى إن موسى عليه السلام يجيء إلى فرعون وهو يدعي الربوبية، وقد رباه في حجره والناس كلهم مذعنون لربوبيته مقرون بالإلهية إلا من عصم الله، ويكذبه ويوبخه، ما ذاك إلا لقوله:} إنني معكما أسمع وأرى {[طه: ٤٦]. وأعجب من ذلك قصة نبينا صلى الله عليه وسلم مع سائر الخلق إنسهم وجنهم بمفرده ليس له معين غير مرسله. وفي الحديث: "إن جبريل جاء يوم بدرٍ على فرس أنثى وقد عصم ثنيته الغبار". قال القتيبي: صوابه "عصب" أي يبس. والمعصم: من الكوع إلى المرفق. قال النابغة: [من الطويل]

١٠٤٩ - فألقت قناعًا دونه الشمس واتقت ... بأحسن موصلين: كف ومعصم

وكأنه أجري مجرى الآلة التي تعصم. والأعصم: الغراب لبعض البياض الذي فيه في نوع منه؛ وفي الحديث: "لا يدخل من النساء الجنة إلا مثل الغراب الأعصم" قال أبو عبيد: هو الأبيض الرجلين. وقال ابن شميلٍ: هو الأبيض الجناحين. وقد حاكاه أبو بكرٍ في هذا قال: لأن تشبيه رجليه باليدين أولى من تشبيههما بجناحيه. وفي حديثٍ آخر، "غراب أحمر المنقار والرجلين. فقال عليه الصلاة والسلام: "لا يدخل الجنة من النساء إلا قدر هذا الغراب". والعرب تجعل البياض حمرًة. ومنه قولهم للبيضاء حمراء. ومنه قوله لعائشة رضي الله عنها: "يا حميراء". والأعصم أيضًا: الوعل الذي بذراعه بياض، وجمعه عصم. وأنشد [من الكامل]

١٠٥٠ - لو أن عصم عما يتين ويذبلٍ

والعصمة: شبه السوار، والمعصم: موضعه من اليد. ومن ثم قيل: للبياض بالرسغ

<<  <  ج: ص:  >  >>