للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراغب: ومن قال: لا معصوم فليس يعني أن العاصم بمعنى المعصوم وإنما ذلك تنبيه على المعنى المقصود بذلك، وذلك أن العاصم والمعصوم يتلازمان فأيهما حصل حصل معه الآخر. وقال ابن كيسان: لما نفي العاصم صار بمعنى المعصوم، وصار} إلا من رحم {مستثنى من المعصومين الذين دل عليهم الفاعل لأنه جواب من قال: من يعصمني من أمر الله؟. والجواب السديد أن عاصمًا على معنى ذي عصمة؛ ففاعل للنسب كلا بن ورامح ونابلٍ، وحينئذٍ فالاستثناء متصل واضح.

قوله:} ولا تمسكو بعصم الكوافر {أي بعقد نكاحهن. وقال ابن عرفة: العصمة: العقد. والعصمة: المتعة أيضًا، ومنه قيل للبذرقة عصمة. ومنه قول أبي طالبٍ يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: [من الطويل]

١٠٤٨ - وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

والعصم: مصدر عصمه أي مسكه. وقوله تعالى:} فاستعصم {[يوسف: ٣٢] أي تحرى ما يعصمه ويمنعه من ركوب الفاحشة كأنه طلب ما يعتصم به. والعصام: ما يشد به ويربط. ومنه: عصام القربة، والجمع عصم وأعصمة. ومنه الحديث: "جمل مقيد بعصم". والعصمة: ما يبقى من آثار البول على أفخاذ الإبل. وعصام علم منقول منه. وعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عبارة عن حفظ الله تعالى إياهم من كل كبيرةٍ وصغيرةٍ ورذيلةٍ، وعما خصهم به من صفاء جوهرهم، وبما نقاهم من درن طبائع البشر. وفي الصحيح ما يبين ذلك من شق صدره عليه الصلاة والسلام وإخراج ما ذكره عليه الصلاة والسلام منه وغسله بالماء والثلج وحشوه وملئه بالحكم. فكل هذا من العناية

<<  <  ج: ص:  >  >>