كقوله تعالى:{فإن علمتموهن مؤمنات}[الممتحنة:١٠]. قوله تعالى:{يوم يجمع الله الرسل} إلى قوله: {لا علم لنا}[المائدة:١٠٩]. قال بعضهم: إشارة إلى أن علمهم قد تضاءل مع علمه ولذلك عقبوه بقولهم: {إنك أنت علام الغيوب}[المائدة:١٠٩].
والعلم من وجهٍ آخر نوعان: نظري وعملي؛ فالنظري ما إذا علم فقد كمل، نحو العلم بموجودات العالم، والعملي ما لا يتم إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات. ومن وجهٍ آخر ضربان: عقلي وسمعي. والعلم قد يتجوز به عن الظن كقوله تعالى:{فإن علمتموهن مؤمناتٍ} لا سبيل إلى القطع بالإيمان الباطن. كما يستعار الظن للعلم كقوله تعالى:{الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}[البقرة: ٤٦] وقد تقدم تحرير ذلك في باب الظن. قوله تعالى:{فاعلم أنه لا إله إلا الله}[محمد:١٩] أمر بالقطع والبت. وهو لم يزلٍ كذلك، وإنما هو تعليم لأمته. ودل ذلك على وجوب علم التوحيد وما شاكله من أصول الدي. وأعلمته -بالهمزة والتضعيف-: واحد، إلا أن الاستعمال خص الإعلام بإخبارٍ سريعٍ، والتعليم بما يكون فيه تكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم.
وقال بعضهم: التعليم: تنبيه النفس لتصوير المعاني، والتعلم: تنبيه النفس لتصور ذلك. وربما استعمل في معنى الإعلام إذا كان فيه تكثير نحو قوله:{أتعلمون الله بدينكم}[الحجرات:١٦] وقوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} فتعليمه الأسماء هو أن جعل له قوةً بها نطق، ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه في روعه، وكتعليمه الحيوانات كل واحد فعلًا يتعاطاه وصوتًا يتحراه. قوله:{وعلمناه من لدنا علمًا}[الكهف:٦٥] قيل: عنى به العلم الخاص الخفي على البشر الذي يرونه، ما لم يعرفهم، منكرًا بدلالة ما رآه موسى عليه السلام منه لما تبعه فأنكره بظاهر شريعته حتى عرفه، وعلى هذا العلم في قوله:{قال الذي عنده علم من الكتاب}[النمل:٤٠]. وقوله تعالى:{والذين أوتوا العلم درجات}[المجادلة:١١] تنبيه منه تبارك وتعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها.
قوله:{وفوق كل ذي علم عليم}[يوسف:٧٦] إشارة إلى الإنسان الذي