قوله تعالى:{عند ربهم}[البقرة:٦٢] هذا إشارة إلى رفعة رتبهم وليس ثم عندية حقيقة إذ الباري لا يتحيز، كما تقول: فلان عزيز عن الملك، وإن كان غائبًا عن حضرته. وعند: ظرف مكانٍ لا يتصرف بأكثر من جره بمن. ويقل فتح عبنه وضمها. وقال بعضهم: عند: لفظ موضوع للقرب؛ فتارةً يستعمل في المكان وتارةً في الاعتقاد، نحو: عندي كذا. وتارةً في الزلفى والمنزلة. قال تعالى:{وإنهم عندنا لمن المصطفين}[ص:٤٧]{إن الذين عند ربك}[الأعراف:٢٠٦]. ومن ثم قيل للملائكة: المقربون، لا يراد بذلك منزلةً مكانيةً.
قوله:{وخاب كل جبارٍ عنيدٍ}[إبراهيم:١٥] أي حائدٍ عن القصد والسواء؛ يقال: رجل عنيد وعنود وعاند. وينبغي أن يكون عنيد وعنود أبلغ من عاندٍ. قال الليث: العنود من الإبل
الذي لا يخالطها إنما هو في ناحيةٍ أبدًا؛ أراد من هم بالخلاف أو بمفارقة الجماعة. وفرق بعضهم بين الثلاثة بفرقٍ آخر فقال: العنيد: المعجب بما عنده، والمعاند: المباهي، والعنود: قيل: مثل العنيد. وقال: لكن بينهما فرق لأن العنيد الذي يعاند ويخالف. والعنود: الذي يعند عن القصد. ويقال: بعير عنيد ولا يقال عنود: والعند جمع عاند وجمع العنود عندة، وجمع العنيد عند، وقال بعضهم: هو العدول عن الطريق، لكن خص العنود بالعادل عن الطريق في المحسوسات، والعنيد بالعادل عن الطريق في الحكم. وعند عن الطريق: عدل عنه. ويقال: عاند: لازم، وعاند: فارق. قال الراغب: كلاهما من عند لكن باعتبارين مختلفين كقولهم: البين في الوصل والهجر باعتبارين مختلفين.
ع ن ق:
قوله تعالى:{فاضربوا فوق الأعناق}[الأنفال:١٢] الأعناق: جمع عنقٍ وهو الجارحة المعروفة. والمراد: اضربوا فوق رؤوسهم. وقيل: فوق مزيدة، ولا يحتاج إلى مثل ذلك لصحة المعنى بدون الحذف. ورجل أعنق وامرأة عنقاء، أي طويلة العنق.