والأعناق: الأشراف، وعليه قوله تعالى:{فظلت أعناقهم لها خاضعين}[الشعراء:٤]. قوله تعالى:{وكل إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه}[الإسراء:١٣] أي قلدناه كسبه من خيرٍ وشر تقليد الإنسان بما لا انفكاك له منه نحو قولهم: ألزمته به طوق الحمامة، وطوقته به وجعلته في عنقه، تصويرًا للمعاني بصورة أجرامٍ تحتوي على أعزما في الإنسان وأمكنه مبالغة في ذلك. ويروى أن ذلك يكون حقيقة، وأن كل أحدٍ يكتب عمله في سجل يطوق به. وفي الحديث:«المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» قال ابن الأعرابي: أكثر الناس أعمالًا. ومنه: لفلانٍ عنق من الخير. وقال بعضهم: هو على حقيقته، وذلك أن الناس في الكرب يوميذٍ وهم في الروح مشرئبون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة. وقيل: إن ذلك كناية عن شرفهم وفضلهم، وذلك أن المستبشر بخيرٍ لا يطاطئ برأسه ولا يخفض رأسه ولا يغض طرفه بخلاف من هو في خشيةٍ، فإنه يطرق رأسه، فبشروا بأنهم بهذه الصفة. وقيل: ذلك يدل على كونهم رؤساء فضلاء من قولهم: عندي أعناق الناس كما تقدم في الآية الكريمة. ويقال: العرب تصف السادات والأكابر بطول العنق وأنشد: [من البسيط]
١٠٩٦ - يشبهون سيوفًا في صرامتهم ... طوال أنصية الأعناق والأمم
وروى بعضهم «إعناقًا» بكسر الهمزة على أنه مصدر من أعنق، مأخوذ من سير العنق وهو الإسراع. وفي الحديث:«كان يسير العنق». وفي حديث آخر:«لا يزال الرجل معنقًا ما لم يصب دمًا» أي منبسط في سيره. وفي حديث آخر:«أنه بعث رجلًا في سرية فانتحى له عامر بن الطفيل فقتله فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعنق ليموت». وهذا مثل مشهور تفسيره أن المنية أسرعت به وساقته إلى مصرعه. وقال أبو موسى: «فانطلقنا