للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله فقير ونحن أغنياء} [آل عمران: ١٨١] يُروى أنه ملما سمعوا قوله تعالى: {من ذا الذي يُقرض الله قرضًا حسنًا} [البقرة: ٢٤٥] قالوا ذلك جهلًا بقول الباري تعالى وإبراز طلبه الصدقة في صورة القرض لنكتة جهلوا معناها، وهو أن المقترض يرد ما أخذ فلا يأخذ شيئًا لاسيما إذا كان أكرم الأكرمين. يقال: غني يغني وتغني وتغانى. قوله: {ما أغنى عني ماليه} [الحاقة: ٢٨] أي ما كفاه مؤونة ما يحذره. غني بكذا بمعنى ابتلي به. قال الشاعر: [من الطويل]

١١٤٨ - غنينا زمانًا بالتصعلك والغنى ... وكلًا سقاناه بكأسيهما الدهر

والغانية: المرأة، وأصله من استغنت بزوجها. وقيل: إنما قيل لها غنية لاستغنائها بحسنها. قال الشاعر: [من الطويل]

١١٤٩ - فلا تحسبن هندًا لها العذر وحدها ... سجيةً نفسٍ كل غانيةٍ هند

وقيل: سُميت بذلك لاستغنائها بجمالها عن التزين حيث تتزين النساء. وقيل لأنها تُقيم بالبيت، ولذلك قيل للنساء ربات الخدور لملازمتهن إياه. وفي الحديث: "خير الصدقة ما أبقت غنى" قال القُتيبي: فيه قولان أحدهما: خير ما تصدقت به الفضل من قوت عيالك وكفايتهم، فإذا خرجت منك إلى من أعطيته خرجت على استغناءٍ منك، ومنهم عنها. ومثله الحديث الآخر: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى". والثاني معناه أن خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيت عن المسألة. وفي الحديث: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، فيه تأويلات أحدهما من لم يُحسن صوته به، أي يقرؤه بحقوقه من تقويم لفظه، وإكمال مخارج حروفه، وعدم تمطيطها كما تفعله الجهلة من عوام الناس. ويحملون نفس الحديث على ما يصنعوه من القرآن بالألحان وصناعات الأنغام، ويزعمون أن هذا هو التغني المراد بالحديث، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>