للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربه فغوى} [طه: ١٢١] إذ معناه جهل، وقيل: خاب، وقيل: فسد عيشه. وقال آخرون: بشم، من قولهم: عصى الفصيل: إذا بشم. وقد قيل: إنه يُقال: غوى الفصيل وغوي، بالفتح والكسر. وقد قرئ "غوى" بالكسر نحو هوَى وهوِي. قوله: {فأغويناكم} [الصافات: ٣٢] أي حملناكم على الغي {إنا كنا} في أنفسنا {غاوين}.

قوله: {قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا} [القصص: ٦٣] إعلام منهم بأنا قد فعلنا بهم غاية ما كان في وسع الإنسان أن يفعل بصديقه ما يريد لنفسه، فقالوا: أفدناهم ما كان لنا وجعلناهم أُسوة أنفسنا حتى لا يبقى لأحدنا غير غي صاحبه، ولذلك ترى الأصدقاء لا يُحبون أن يتخالفوا قولًا ولا فعلًا هدى كان أو ضلالًا، غيًا أو رشدًا. قوله حكاية عن إبليس: {ولأغوينهم} [الحجر: ٣٩] أي لأحملنهم عليه ولأجعلنهم غاوين عليه ظنًا من بذلك لما رأى وعرف من طباع الآدميين الانقياد إليه، وعليه قوله تعالى: {ولقد صدق عليه إبليس ظنه} [سبأ: ٢٠] الآية. قوله: {فسوف يلقون غيا} [مريم: ٥٩] أي هلاكًا. وقيل: عذابًا. والمعنى سبب ذلك لأن الغي جهلٍ من اعتقاد فاسدٍ، وذلك أن الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقادًا لا صالحًا ولا فاسدًا. وقد يكون من اعتقاد شيءٍ فاسدٍ. فقوله: {فسوف يلقون غيا} أي أثر غي ومسببه. وقال طرفة ابن العبد: [من الرمل]

١١٥٨ - سادرًا أحسب غيي رشدًا

وفي مقتل عثمان: "فتغاووا عليه حتى قتلوه"، أي تعاونوا وغالوا، وأصله تجاهلوا وتعاونوا بغيهم، والغواية: شدة الجهل. قال امرؤ القيس: [من الطويل]

١١٥٩ - وما إن أرى عنك الغواية تنجلي

وفي حديث عمر رضي الله عنه: "إن قريشًا تريد أن تكون مغويات لمال الله"

<<  <  ج: ص:  >  >>