للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣١٧ - أشاب الصغير وأفنى الكبير ... كر الغداة ومر العشي

وقد يقال باعتبار المنزلة والرفعة كقوله تعالى: {قل أي شيءٍ أكبر شهادة} [الأنعام: ١٩]. قوله تعالى: {فجعلهم جذاذًا إلا كبيرًا لهم} [الأنبياء: ٥٨] إنما أطلق عليه ذلك على زعمهم وتسميتهم أي باعتبار جثته فإنه كان أعظمهم جثةً. قوله تعالى: {أكابر مجرميها} [الأنعام: ١٢٣] أي رؤساءها، وذلك على سبيل الاستدراج كقوله: {أمرنا مترفيها} [الإسراءك ١٦] {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} [الأعراف: ١٨٢]. قوله تعالى حكايةً عن فرعون {إنه لكبيركم} [طه: ٧١] أي رئيسكم في هذه الصناعة. وفي المثل: "ورثه كابرًا عن كابرٍ" أي أبًا عظيم القدر عن أبٍ عظيمٍ مثله.

قوله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} [الشورى: ٣٧] وقرئ "كبير" فالكبيرة متعارفة في كل ذنبٍ لعظم عقوبته، واختلف الناس في حدها وعدها، ولهما موضع هو أليق بهما بيناهما فيه ولله الحمد.

قوله تعالى: {كبرت كلمة} [الكهف: ٥] أي عظم ذنبها وعقوبتها لأنها قول باطل في حق من لا يجوز عليه ذلك بوجهٍ. وليست كسائر الكذبات؛ فإن الكذب قد يقال فيمن يجوز عليه مثل ذلك الشيء المكذوب فيه كقولك: الأمير ظلمني، ولم يكن ظلم، فهذا كذب قبيح وإن كان ممكنًا جائزًا وقوع الظلم منه، والباري تبارك وتعالى لا يتصور في حقه ما افتروه.

قوله: {كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصف: ٣] يعني أن مقته لكم على ذلك أشد من مقته لكم على غيره من الذنوب، ولذلك أخرجهما نصبًا على التمييز.

<<  <  ج: ص:  >  >>