ما قال -صلى الله عليه وسلم -: «أول ما خلق الله القلم فقال له: أجر بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة». وقيل: الكلمة هي القرآن، وتسميته كلمةً كتسمية القصيدة كلمةً. قلت: ومن ذلك تسميتهم قصيدة الحويدرية كلمةً، فيقولون: قصيدة الحويدرة، وتسميتهم القصيدة قافيةً كقوله:[من الوافر]
١٣٦٥ - وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافيةً هجاني
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «أصدق كلمة قالها شاعرٌ كلمة لبيد: [من الطويل]
١٣٦٦ - ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطل ... وكل نعيمٍ لا محالة زائل
فقوله:{تمت] تنبيهٌ على حفظها، يعني أن الله تعالى حافظ القرآن، قال الراغب: فذكر أنها تتم وتتلى بحفظ الله إياها، فعبر عن ذلك بلفظ الماضي تنبيهًا على أن ذلك في حكم الكائن. وإلى هذا المعنى من حفظ القرآن أشار بقوله: {فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين}[الأنعام: ٨٩]. وقيل: عني بها ما وعد من الثواب والعقاب. وقيل: عني بالكلمات الآيات والمعجزات، نبه بذلك على أن ما أرسل من الآيات تام وفيه بلاغٌ.
وقوله:{لا مبدل لكلماته}[الأنعام: ١١٥] رد لقوله: {ائت بقرآن غير هذا أو بدله}[يونس: ١٥]. وقيل: أراد بكلمة ربك أحكامه التي حكم بها وبين انه شرع لعباده ما فيه بلاغٌ.
قوله:{ولولا كلمةٌ سبقت من ربك لكان لزامًا وأجلٌ مسمى}[طه: ١٢٩] يعني وعدهم الساعة، قال تعالى:{بل الساعة موعدهم}[القمر: ٤٦]. وقيل: إشارةٌ إلى حكمه الذي اقتضته حكمته وأنه لا تبديل لكلماته.