للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب ذلك إن عوض عنها ما بعد أن، كقول الشاعر: [من البسيط]

١٣٩٩ - أبا خراشة إما أنت ذا نفرٍ ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع

ولها أحكام كثيرة لخصناها فيما رأيت، وفيه كفاية.

وقال الراغب: «كان» عبارة عما مضى من الزمان، وفي كثيرٍ من وصف الله تعالى تنبئ عن معنى الأزلية، انتهى. يريد نحو قوله تعالى: {وكان الله غفورًا رحيمًا} وقال أيضًا: وما استعمل منه في جنس الشيء متعلقًا بوصفٍ له وهو موجود فيه فتنبيه على أن ذلك الوصف لازم له، قليل الانفكاك عنه، نحو قوله تعالى في الإنسان: {وكان الإنسان قتورًا} [الإسراء: ١٠٠] وقوله تعالى في الشيطان: {وكان الشيطان لربه كفورًا} [الإسراء: ٢٧]

قوله تعالى: {كيف نكلم من كان في المهد صبيًا} قيل: هي زائدة، وفيه نظر من حيث إن لها اسمًا وخبرًا، وحملهم على ذلك انه «كان صبيًا» حال هذا الكلام فلم يتحقق مضي، وجوابه أن كان تدل على زمنٍ ماضٍ طويلًا كان أو قصيرًا؛ فيقال: كان زيد هنا. وإن كان بينكما أدنى زمانٍ، فقوله: {من كان في المهد صبيًا} [مريم: ٢٩] إشارة إلى عيسى وحالته التي شاهدوه عليها. قال الراغب: وليس قول من قال هذا إشارة إلى الحال بشيءٍ لأن ذلك إشارة إلى بعد لكن إلى زمانٍ مراده بالإشارة عود الضمير في «كان» لا الإشارة صناعةً. وقوله إشارة إلى الحال، هو معنى قول القائل: كان زائدةً. في العبارة قلق وهذا مراده والله أعلم.

والكون في اصطلاح بعض المتكلمين عبارة عن استحالة جوهرٍ ما إلى ما هو أشرف منه، ويقابله بالفساد وهو استحالة جوهرٍ ما إلى ما هو دونه، فيقولون: الكون والفساد. وبعضهم يقول: الكون هو الإبداع. وكينونة مصدر لكان، واختلفوا في أصلها؛ فذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>