على بعض التعبير عن الأشياء بلفظٍ غير مستعملٍ في موضعه، وإلى هذا أشارت الكلبية بقولها:[من الطويل]
١٤٣٧ - وقوم لهن لحن سوى لحن قومنا ... وشكل، وبيت الله، لسنا نشاكله
قال الواحدي: أي لغة ومذهب في الكلام يذهبون إليه سوى كلام الناس المعتاد. قال أبو عبيدٍ: اللحن - بفتح الحاء - الفطنة، وبالكسر: الحاذق بالكلام الفطن له، وقد وقع الفرق بين المعنيين بتغيير الحركة في الماضي وبتغيير الصيغة في الصفة، فيقال: لحن في كلامه، أي أخطأ الإعراب يلحن - بالفتح - فيهما فهو لاحن. ولحن - بالكسر - يلحن - بالفتح - إذا فطن وفهم أو درى فهو لحن. وأما المصدر فاتفقا فيه وهو اللحن بزنة اللحم. وقال الفراء: يقال للرجل يعرض ولا يصرح جعل ذلك لحنًا لحاجته، ويقال من هذا: لحن يلحن - بالفتح - فإما لحن - بالكسر - يلحن فالمراد به: فطن وفهم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"ولعل بعضهم ألحن بحجته من بعضٍ" أي أفطن. قلت: وعلى هذا فقد وقع الفرق بين لحن ولحن بالفتح والكسر، من وجهٍ آخر؛ فبالفتح أي عرض وجعل ذلك لحنًا لحاجته، وبالكسر إذا فهم ذلك وفطنه عن غيره، وصار لحن - بالفتح - مشتركًا بين الخطأ في الإعراب وبين التعريض والتورية. وفرق بعضهم بين لحن ولحن أيضًا بالمصدر؛ فقال: أخطأ اللحن بسكون العين ومصدر فطن بفتحها مع الفرق بما تقدم، وجعل من ذلك ما حكي عن معاوية وعبد الله بن زياد فقيل: إنه ظريف على أنه يلحن، قال: أوليس ذلك أظرف له؟ عنى معاوية بذلك اللحن بفتح الحاء وهو الفطنة وقال غيره: لم يرد إلا اللحن المعهود وهو الخطأ في الكلام والعدول عن سنن الإعراب، أي التشدق والتفاصح في الكلام، ألم تسمع قول الآخر:[من الخفيف]