للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسير كثيرٍ من ألفاظ القرآن. ويحكى عن ابن عباسٍ وأنظاره كثير من نحو: "ما كنت أدري، ما معنى كذا. حتى اختصم، حتى سمعت" وهذه الحبشة لها عدة لغاتٍ، وكذا الترك والفرس. فسبحان من لا تختلف عليه اللغات ولا تغلطه المسائل.

وفي بعض التواريخ أن الإسكندر رأى بحرًا بأقصى الشرق، فأراد معرفةٍ آخره، فأرسل قومًا في سفنٍ متعددةٍ، وزودهم بكثير من الزاد ما يكفيهم أربع عشرة سنًة. وقال: إذا مضت سبع فارجعوا لئلا تهلكوا. فساروا فلم يدركوا آخره، غير أنهم رأوا سفنًا في البحر وفيها أقوام فقاتلوهم. فظفر بهم أصحاب الإسكندر، فأتوه بهم فلم يعرف أحد من حاشية الإسكندر - على كثرتهم واختلاف أجناسهم. لغة أولئك، ولا هم يعرفون لغة غيرهم. فأشار بعض الحكماء أن يزوج من نسائهم لرجال هؤلاء، ومن رجالهم بنسائهم. ففعل. فنشأت الأولاد بينهم تعرف بلغة آبائها وأمهاتها، فحدثوا عنهم بأن ملكهم أرسلهم فيما أرسل فيه الإسكندر.

وقال الراغب: إشارًة إلى اختلاف اللغات واختلاف النغمات فإن لكل إنسانٍ نغمةً مخصوصًة، يتميزها السمع، كما أن له صورًة مخصوصًة يتميزها البصر.

قوله تعالى:} واحلل عقدًة من لساني {[طه: ٢٧] المراد قوة لساني، يعني جودة الكلام وقوة الخطاب. قال الراغب: فإن العقدة لم تكن في الجارحة، وإنما كانت في قوته التي هي النطق به. قلت: وهو الظاهر إلا أن المفسرين نقلوا أنه لما وضع فرعون بين يدي موسى عليه السلام تمرًة وجمرًة ليختبره في قصةٍ جرت، أخذ الجمرة فوضعها في فمه، فاحترق لسانه، فكان فيه أثر أثر في كلامه. ولذلك قال موسى عليه السلام في حق أخيه هارون:} هو أفصح مني لسانًا {[القصص: ٣٤] وقال فرعون:} ولا يكاد يبين {[الزخرف: ٥٢] فسال عليه السلام إزالة ذلك الأثر المؤثر.

واللسان يذكر ويؤنث؛ فإن ذكر جمع على الألسنة، نحو حمار وأحمرة. وإن أنث جمع على ألسنٍ، نحو عقابٍ وأعقبٍ.

قوله تعالى:} وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه {[إبراهيم: ٤] أي بلغتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>