للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينهم. وهذا لا شك أنه فضل من إنسانٍ لا يتعاطى ذلك ولا يلهيه شيء. وجوز بعضهم في الآية وجهًا آخر وهو أن المعنى لا تجارة عندهم ولا بيع فلا لهو، جعله مثل قوله تعالى:} لا يسألون الناس إلحافًا {[البقرة: ٢٧٣] وقول امرئ القيس: [من الطويل]

١٤٦٦ - على لاحبٍ لا يهتدي بمنار

والأول أظهر وأبلغ في مدحهم. ويؤيد ذلك قوله في موضع آخر:} ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم {[البقرة: ١٩٨] وقوله:} ليشهدوا منافع لهم {[الحج: ٢٨] نزل ذلك في التجارة أيام الحج، وكانوا قد تحرجوا من ذلك.

قوله:} ومن الناس من يشتري لهو الحديث {[لقمان: ٦] قيل: هو النضر بن الحارث الداري، كان قد قرأ كتب الأعاجم "رستم واسفنديار" وكان يشغل بها قريشًا عن سماع القرآن. ويقول: قد كدت أن أحدثكم بأحسن مما يحدثكم به. وقيل: نزلت في شراء القيان أي الجواري المغنيات، وقد حرمه بعض العلماء.

قوله:} فأنت عنه تلهى {[عبس: ١٠] أي تشاغل، وأصله تتلهى؛ نزلت في ابن أم مكتومٍ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول له إذا أقبل: "مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي".

قوله:} ألهاكم التكاثر {[التكاثر: ١] أي شغلتكم المكاثرة بالأهل والمال والولد. وكانوا يتفاخرون بأنسابهم وأموالهم. وفي الحديث: "سألت ربي إلا يعذب اللاهين من ذرية البشر". قيل: هم الأطفال لأنهم يقترفون ذنوبًا. وقيل: هم الذين عملوا ذنوبًا نسيانًا وسهوًا لا تعمدًا.

وألهاه عن كذا: أي شغله عنه، وأنشد لأمرئ القيس: [من الطويل]

١٤٦٧ - فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعٍ ... فألهيتها عن ذي تمائم محول

<<  <  ج: ص:  >  >>