للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ويعني بأن الدجال قد مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والأخلاق الجميلة، وأن عيسى قد مسحت عنه القوة الذميمة من الجهل والشره والحرص وسائر الأخلاق الذميمة قلت: لا ينبغي بل لا يجوز اعتقاد مسح العين في عيسى عليه السلام لأنه عاهةٌ، فإن قلت: فأيوب قد ابتلي أجيب بأنه قد عوفي، فإن قيل: فشعيبٌ قد أعمي فعلى تقدير صحته ليس هو في البشاعة كالعور. وأما الدجال فسمي مسيحًا لمسح عينه اليمنى، ومنه الحديث: «أعور عينه». وقيل: لأنه يمسح الأرض فيقطعها من المشرق إلى المغرب، وقيل: مسح شق وجهه، ففي الحديث: «أنه لا عين له ولا حاجب» نقله الراغب. وقيل: لأنه كان يلبس المسوح، والمسوح جمع مسحٍ وهو ما اتخذ من الشعر، ويجمع أيضًا على أمساحٍ نحو: حمل وأحمال وحمول.

وكثر إطلاق المسح في لسان المشترعة على إمرار اليد بالماء غسلًا كان أو مسحًا، ومنه: «تمسح للصلاة». وعليه قوله: {وأرجلكم} [المائدة: ٦] قال أبو زيدٍ الأنصاري: السمح في كلام العرب يكون غسلًا ويكون مسحًا، قلت: وعلى هذا يكون من استعمال المشترك. في معنييه، فإنه بالنسبة إلى الرؤوس مسحٌ وإلى الأرجل غسلٌ.

وكني بالمسح عن الجماع كما كني عنه بالمس واللمس.

ودرهمٌ مسيحٌ، أي أطلس لا نقش عليه. ومكانٌ أمسح، أي أملس لا نبات به. وفي صفته عليه الصلاة والسلام: «كان مسيح القدمين» أي أنهما ملساوان لا وسخ عليهما ولا شقوق فيهما ولا تكسر، إذا أصابهما الماء نبا عنهما، وقيل: بل غارمان من اللحم يعني: قليلٌ لحمهما، وهو صفة حسنٍ في القديم. وفي الحديث: «على وجهه مسحة ملكٍ» والعرب تقول: على وجه فلانٍ مسحة جمالٍ، قال الشاعر: [من الطويل]

١٥٢٣ - على وجه مي مسحةٌ من ملاحةٍ ... ومن تحتٍ ذالك الخزي لو كان باديًا

والتمساح: حيوانٌ في البحر وليس لنا مثال تفعالٍ إلا هو وتمثالٌ والباقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>