وقيل: معناه لا تعط شيئًا. وقال ابن عرفة: المعنى لا تمنن ما أوذيت به في جنب الله ولا تستكثر، فإنه قليلٌ في جنب الله أن يثبك به. ومن كلامهم: يا حنان، يا منان، والله تعالى يمن على عباده لأنه مبتديهم بنعمة. ومن قولهم:((لا تتزوج حنانةً ولا منانةً))، أي من تمن عليك بمالها.
قوله:{يمنون عليك أن أسلموا}[الحجرات: ١٧] الآية. فالمنة منهم بقولهم: آمنا بك وصدقناك، وقد كفر غيرنا وكذبك. ومنة الله عليهم بالفعل وهو أن هداهم للإيمان بعد أن كانوا ضلالًا. ومن: مخففة تكون شرطيةً فتجزم فعلين شرطًا وجزمًا كقوله تعالى: {ومن يفعل ذلك يلق أثامًا}[الفرقان: ٦٨] واستفهامًا كقوله: {ومن يغفر الذنوب إلا الله}[آل عمران: ١٣٥] وهو استفهامٌ لفظًا نفي معنى، ولذلك وقع معه الاستثناء المفرغ وموصولة، كقوله تعالى:{ومن في الأرض}[المعارج: ١٤] ونكرةً موصوفة، وهي تقع تامةً أي موصولةً لا موصوفةً. وزعم الكسائي أنها تزداد، مستدلًا بقول عنترة:[من الكامل].
١٥٦٠ - يا شاة ما قنصٍ لمن حلت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم.
ولا دلالة، إذ المعنى يا شاة شخص ذي قنصٍ، فهي نكرةٍ موصوفة. ومن: بكسر الميم حرف جر، ولها معان كثيرةٌ: ابتداء الغاية في المكان نحو: {من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}[الإسراء: ١]. وفي الزمان أي غلب ومنه قوله:{من أول يومٍ}[التوبة: ١٠٨] وهو مؤول عند أصحابنا. وتكون للتبغيض ولبيان الجنس، وتحريره في غير هذا، ومزيده بلا شرطٍ أو شرطين أو بشرطٍ. وتكون فعل أمرٍ من: مان يمين أي كذب، كقوله:[من الوافر].
١٥٦١ - وألفى قولها كذبًا ومينًا.
فالأمر منه من، كبع من باع. ولا يقال أنها مترددةٌ بين الحرفية والفعلية كما قيل ذلك في عدا وخلا لما بيناه في كتبنا النحوية.