للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{والظاهر والباطن} [الحديد: ٣] قيل: يعلم بواطن الأمور كما يعلم ظواهرها، يعلم من السر ما يعلم من العلانية. ومنه:} سواء منكم من أسر القول ومن جهر به {[الرعد: ١٠].

يقال: فلان يبطن أمر فلان إذا علم سريرته، كما قال تعالى:} وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله {[الزخرف: ٨٤] والحكماء: "مثل طالب معرفته مثل من طرق الآفاق في طلب ما هو معه". والباطن: إشارة إلى معرفته الحقيقية، وهي التي أشار إليها الصديق بقوله: "يا من غاية معرفته القصور عن معرفته".

وقيل: ظاهر بآياته باطن بذاته. وقيل: ظاهر بأنه محيط بالأشياء مدرك لها، باطن في أن يحاط به، كما قال تعالى:} لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار {[الأنعام: ١٠٣]. وقد روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما يدل على تفسير اللفظتين حيث قال: "تجلى لعباده من غير أن يروه، وأراهم نفسه من غير أن يتجلى لهم"، وهذا كلام عظيم القدر لا يصدر إلا عن مثل أبي بكرٍ وعلي رضي الله عنهما. ولذلك قال بعض العلماء حين حكي عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه: وهذا كلام يحتاج إلى فهمٍ ثاقبٍ وعقلٍ وافرٍ ولعمري لقد صدق. وقيل: الظاهر بالأدلة والباطن الذي لا يدرك بالحواس.

وقوله:} وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة {[لقمان: ٢٠] أراد بالظاهرة النبوة والباطنة العقل، وقيل: أراد بالظاهرة النصرة على الأعداء بالبأس من سلاحٍ ورجالٍ، والباطنة النصرة بالملائكة. وقيل: أراد بالظاهرة المحسوسات وبالباطنة المعقولات، والآية شاملة لذلك ولغيره، كما قال تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [إبراهيم: ٣٤]،

<<  <  ج: ص:  >  >>