للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المؤمن والكافر في غير آيةٍ، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} [المائدة: ٥١]. وجعل بين الكافرين والشياطين موالاة في الدنيا، ونفى عنهم المولاة في الآخرة. قال تعالى في الموالاة بينهم في الدنيا: {إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون} [الأعراف:٢٧]. فكما جعل بينهم وبين الشياطين موالاةً جعل للشياطين عليهم سلطانًا في الدنيا، فقال: {إنما سلطانه على الذين يتولونه} [النحل: ١٠٠]. ونفى الموالاة بينهم في الآخرة فقال في موالاة الكفار بعضهم بعضًا: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئًا} [الدخان: ٤١].

قوله تعالى: {وتولى عنهم} [يوسف: ٨٤] أي أعرض. قال بعضهم: «تولى» إذا عدي بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع. يقال: وليت سمعي كذا، ووليت عيني كذا: أقبلت به عليه. قال تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: ١٤٤]. قال: وإذا عدي بعن لفظًا أو تقديرًا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه. فمن الأول قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة: ٥١]. ومن الثاني: {فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين} [آل عمران: ٦٢]. قال: والتولي قد يكون بالجسم، وقد يكون بترك والإصغاء الائتمار؛ قال تعالى: {ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون} [الأنفال: ٢٠] أي لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله: {واستعشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا} [نوح: ٧]. ولا ترتسموا قول من حكى عنهم: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} [فصلت: ٢٦].

قوله: {فهب لي من لدنك وليًا} [مريم: ٥] أي أننا نكون من أوليائك. قوله تعالى: {ولم يكن له ولي من الذل} [الإسراء: ١١١] أي ناصر من الذل، ولا مانع له لاعتزازه. وقيل: لم يوال أحد من أجل مذلةٍ. وقوله تعالى: {أولى لك فأولى} [القيامة: ٣٤] من هذا. ومعناه: العقاب أولى لك وبك. قال الراغب: وقيل: هذا فعل المتعدي بمعنى افعل. يقال: ولي الشيء الشيء، وأوليت الشيء شيئًا آخر، أي جعلته إليه. وقيل: معناه انزجر. وقيل: هذه كلمة تهديد. وقال الأصمعي: قاربك فاحذره؛ مأخوذ من الولي وهو القرب. وإعراب الكلمة أن «أولى» مبتدأ، و «لك» خبره على معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>