للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرق الراغب بينهما فقال: البكاء بالمد: سيلان الدمع من حزنٍ وعويلٍ، يقول: إذا كان الصوت أغلب كالرغاء وسائر الأبنية الموضوعة للصوت. وبالقصر إذا كان الحزن أغلب. وبكى: يقال في الحزن وإسالة الدمع معًا. ويقال في كل واحدٍ منهما منفردًا عن الآخر.

وقوله:} فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيرًا {[التوبة: ٨٢] إشارة إلى الفرح والترح، وإن لم يكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء إسالة دمعٍ. وأنشدوا في المعنى: [من الطويل]

١٨٨ - مسرة أحقابٍ تلقيت بعدها ... مساءة يومٍ أريها يشبه الصاب

فكيف بأن تلقى مسرة ساعةٍ ... وراء تقصيها مساءة أحقاب

وقوله تعالى:} فما بكت عليهم السماء والأرض {[الدخان: ٢٩] قيل: إن ذلك حقيقة عند من يجعل لهما حياًة وعلمًا. وفي الحديث: "إن الرجل الصالح يرفع عمله وله ريح طيب يدخل من أي باب شاء من أبواب السماء. فإذا مات انقطع عمله ذلك فتبكي عليه السماء لفقدان ذلك العمل، وكذلك الأرض لفقداته من فوقها" وقيل: بل ذلك على مجاز الحذف أي اهلهما وهم الثقلان من الناس والملائكة. وقيل: بل جاء ذلك على ما كانوا يتعارفونه، من قولهم في الرجل العظيم إذا مات: بكت عليه السماء والأرض، وكسفت لموته الشمس. وكذلك بكت عليه الجبال. قال: [من الكامل]

١٨٩ - لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع

وقال: [من البسيط]

١٩٠ - الشمس طالعةٌ ليست بكاسفةٍ ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

<<  <  ج: ص:  >  >>