وقولُه:«أتى»، بصيغة الماضي ليخصَّ الوقوعَ، فكأنَّه قد أتى ووقعَ. وقال نِفْطويه: تقولُ: أتاكَ الأمرُ، وهو متوقَعٌ بعدُ، أي أتى أمرُ الله وعدًا فلا تستعجلوه وقوعًا. وقال ابنُ الأنباريِّ في قوله:{فأتى اللهُ بنيانَهم}: فأتى اللهُ مكرَهُم من أجلهِ، أي عادَ ضررُ المكرِ عليهم. وهل هذا مجازٌ أو حقيقةٌ؟ والمرادُ به نمرودُ وصَرْحُه خلافٌ.
ويعبَّر بالإتيانِ عنِ الهلاكِ؛ قال تعالى:{فأتاهُمُ اللهُ من حيثُ لم يُحتَسبِوا}[الحشر: ٢]. ويقال: أُتِيَ فلانٌ من مَأمنهِ، أي جاءَه الهلاكُ من جهةِ أمْنه. وقولهُ:{فآتَتْ أُكُلَها}[البقرة: ٢٦٥]. أي أعطتْ، والمعنى: أثمرتْ ضِعْفَيْ ما يُثمرُ غيرُها من الجنان.
وقوله:{وآتاهُم تَقْواهَم}[محمد: ١٧]. أي أعطاهم جزءَ اتِّقائهم. وقولُه:{إلى الهُدى ائْتِنَا}[الأنعام: ٧١] أي بايعْنا على ملَّتنا. وقوله:{بأتِ بصيرًا}[يوسف: ٩٣]. أي بَعد، كقولهِ:{فارتَدَّ بَصيرًا}[يوسف: ٩٦].
والمِيتاءُ من قولهم: طريقٌ ميتاءٌ من ذلك، فهو مِفعال من الإِتْيان. وفي الحديث:«لولا أنه طريقٌ ميتاءٌ لحزنَّا عليكَ يا إِبراهيمُ»، أي أن الموتَ طريقٌ مسلوكٌ. وما أحسنَ هذهِ الاستعارةَ وأرشقَ هذه الإشارةَ وقال شمرٌ: ميتاءُ الطريقِ ومبدؤهُ: مَحجَّتُه. وفي الحديثِ أيضًا:«ما وجدتَ في طريقٍ ميتاءٍ فعرِّفْهُ سَنَةً». والإِتيانُ: يقالُ للمجيءِ بالذاتِ وبالأمرِ والتدبيرِ، وفي الخيرِ والشرِّ. ومن الأولِ قولُه:[من المتقارب]