وقولُه:{يأتينَ الفاحِشةَ}[النساء: ١٥]. أي يتلبَّسون بها. فاستعمالُ الإتيانِ هنا كاستعمالِ المجيءِ في قولهِ:{لقد جئتِ شَيئًا فَرِيًّا}[مريم: ٢٧]. ويُكنى بالإِتيانِ عن الوطْءِ. ومنه: أتَى امرأته. وقولُه:{أتأتُون الذُّكْرَانَ}[الشعراء: ١٦٥]{أئِنَّكُم لتأتونَ الرِّجالَ}[النمل: ٥٥]. من ذلك، وهو من أحسنِ الكنايات.
ويقالُ:«أتَيتُه وأَتَوْتُه. ومنه يقالُ للسِّقاء إذا مُخِضَ وجاءَ زُبْدُه: قد جاءَ أَتْوُهُ.
وحقيقتُه: جاءَ ما مِن شأنِه أن يأتيَ منهُ، فهو مصدرُ معنى». قالوا:«وكلُّ موضعٍ ذُكرَ في وصفِ الكتاب «آتَينا» فهو أبلغُ من كلِّ موضعٍ ذُكير في وصفهِ «أوتوا»، لأنَّ «أُوتوا» قد يقالُ في مَن أُوتيَ، وإِن لم يكن معَه قَبولٌ. و «آتَينا» يقالُ في مَن كانَ معَه قبول».
وقولُه:{فلنأتيَّنهُم بجنُود}[النمل: ٣٧]: فلنجيئنَّهم. وقولُه:{كانَ وَعْدُهُ مأتيًّا}[مريم: ٦١] بمعنى آتٍ كَسيلٍ مُفعَمٍ بمعنى مُفعِم، وحجابًا ساترًا. والثاني أنه على بابهِ، لأنه يقالُ: أتاني الأمرُ وأتَيتُه. فهذا من قولهم: أتيتُ الأمرَ، قالَه الراغبُ. وقال الهرويُّ: يقال: أتاني خبرُه وأتيتُ خَبرَه.
وقولُه:{يؤتونَ ما آتَوْا}[المؤمنون: ٦٠] أي يتصدَّقون بأيِّ صدقةٍ قليلةً