للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{هذا فراق بيني وبينك} [الكهف: ٧٨]، قال الهروي: أراد بيننا، وإنما قال: بيني وبينك توكيدًا، كما يقال: أخزى الله الكاذب مني ومنك، يريد منا.

قلت: يعني في أصل التركيب لو قيل كذا لأفاد، وفيه نظر لأنه يفيد المعنى المقصود من قولك مثلاً: هذا فراق بيني وبين زيدٍ. قولك: هذا فراق بيننا لأن الأول أخص من الثاني، وأخص في المعنى بخلاف الثاني، فإنه يحتمل احتمالاً ظاهرًا. وقد حققناه في "التفسير" و"الدر المصون"، فلما أضافه للياء تعين تكريره بالعطف لأن بين لا تضاف إلا إلى متعدٍ لفظًا أو تقديرًا نحو: بين الزيدين أو الزيدين.

وقوله تعالى:} عوان بين ذلك {[البقرة: ٦٨] لأن ذلك إشارة إلى الفارض والبكر. ولذلك احتاج النحاة أن أجابوا عن قول امرئ القيس: [من الطويل]

٢١٧ - بين الدخول فحومل

قالوا: كان من حقه أن يعطف بالواو لأنها لمطلق الجمع، وأجابوا بأن تقديره بين مواضع الدخول، أو بأنه لما كان الدخول اسمًا يحوي أماكن كثيرًة نحو: دارنا بين مصر، وقوله:} فلما بلغا مجمع بينهما {[الكهف: ٦١] قال الراغب: يجوز أن يكون مصدرًا أي موضع المفترق، قال: ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرر كقوله:} ومن بيننا وبينك حجاب {[فصلت: ٥]. قلت: ليس هذا مطابقًا لما ذكره لأن لفظه بأفصح إضافة بين إليها من غير تكريرٍ، نحو: المال بيننا.

وقوله:} لقد تقطع بينكم {[الأنعام: ٩٤] قرئ بالنصب على الظرف، فقيل: هو صلة لموصوله محذوف أي: تقطع الذي بينكم، وقيل: الفاعل مقدر أي تقطع الوصل والألف بينكم، وقيل: هو مبني لإضافته إلى غير متمكنٍ، وبالرفع على الفاعلية أي تقطع وصلكم. والبين من الأضداد. قال الراغب: أي وصلكم. وتحقيقه أنه ضاع عنكم الأموال

<<  <  ج: ص:  >  >>