الاجتباء: الاصطفاء، من جبيت الماء في الحوض إذا جمعته مختارًا له، ومنه قوله تعالى:{ثم اجتباه ربه}[طه: ١٢٢]، فاجتباء الله عبده هو تخصيصه بفيضٍ إلهي تتجمع له أنواع من النعم، وذلك لتخصيصه أنبياءه مرسليهم وغير مرسليهم وبعض أوليائه من الصديقين والشهداء. وفي معناه:{إنا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدار}[ص: ٤٦]، وقوله:{لولا اجتبيتها}[الأعراف: ٢٠٣] أي اخترتها. وهذا تعريض منهم بأنك تختلق ما تأتي به. فأنت إذا شئت شيئًا أتيت به من قبل نفسك وقد كذبوا {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها}[محمد: ٢٤]، {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا}[النساء: ٨٢]، وهذا معنى قول من فسرها: اختلقتها، كأنه فسر باللازم.
وقد يجيء لمجرد الجمع، ومنه الجابية: وهي حفيرة تحفر لتشرب منها الإبل. وقوله تعالى:{وجفانٍ كالجواب}[سبأ: ١٣] هي جمع جابيةٍ؛ يصفها بالعظم. والجوابي: الحياض، لأنها تجبي إليها المياه، وجيء بها على صيغة اسم الفاعل كأنها هي التي تجبي الماء لنفسها أو ذات جبايةٍ نحو:{عيشةٍ راضيةٍ}[الحاقة: ٢١].
ومنه أيضًا: جبيت الخراج أي جمعمته، ويقال: جبوته أيضًا، وهو حسن الجبوة والجبية. وقوله:{يجبى إليه ثمرات كل شيء}[القصص: ٥٧] أي تجلب وتجمع إليه. والجبا بالفتح والقصر: شفا البئر. وفي الحديث:"قعد عليه الصلاة والسلام على جبا البئر" وبالكسر: ما جمعته فيه من الماء. ومنه:"من أجبى فقد أربى"، قال أبو