للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النساء: ٣٦]. وتصور منه معنى القرب، فقيل لمن يقرب من غيره: جاره وجاوره وتجاور ونحو جازه وتجاوزه. وتجاوروا بمعنى اجتوروا. قال تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات} [الرعد: ٤] على التشبيه بالجيران. من جاورك فقد جاورته، وإنهما متجاوران. وباعتبار القرب قيل: جار عن الطريق. ثم جعل ذلك عبارة عن كل ميل عن الحق والعدل، فقيل: جار في حكمه إذا عدل عن الحق.

وقوله تعالى: {ومنها جائر} [النحل: ٩] أي عن السبيل؛ قيل هو عادل عن المحجة، وذلك عبارة عن الطريق الموصلة إلى الخير وإلى الشر. فقال تعالى: {وعلى الله قصد السبيل} [النحل: ٩] أي مستوى الطريق. ثم أخبر أن من الطرق ما هو خارج عن هذا القصد، ناكب عنه. وما أحسن ما نسب القصد لنفسه دون الجور، وإن كان الباري تعالى هو خالق كل شيء من خير وشر، ولكنه من باب: {بيدك الخير} [آل عمران: ٢٦] {وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: ٨٠]

وقوله: {وهو يجير ولا يجار عليه} [المؤمنون: ٨٨] أي يؤمن من يخاف من غيره، ولا يؤمن من يخفيه هو. يقال: أجرت فلانًا أي حميته ومنعته. واستجار بي أي استغاث بي واحتمى وامتنع.

ج وز:

قوله تعالى: {فلما جاوزه} [البقرة: ٢٤٩] أي تعداه.

يقال: جزت البلد أي تعديته، فجاوز بمعنى تجاوز. ومنه قيل للفعل المتعدي: متجاوز، وأصله من لفظ الجوز. والجوز: الوسط. تقول: رأيت جوز السماء أي وسطها. ومن ذلك الجوزاء لأنها تتوسط جوز السماء، قال امرؤ القيس:

٣١٢ - فقلت له لما تمطى بجوزه ... وأردف أعجازًا وناء بكلكل

أي تمطى بوسطه، ولذلك يروى بصلبه. فمعنى جاوزه أي تجاوز جوزه. وجزت

<<  <  ج: ص:  >  >>