للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد} [الحديد:٢٥]. ويعبر عن الحديد بالشيء المتناهي في بابه كقوله: {فبصرك اليوم حديد} [ق:٢٢] أي ثابت نافذ. وفلان حديد الفهم أي ذكي القلب صافي الذهن. وأصلها من الحديد لأنه تثبت به الأشياء. وفيه: لسان حديد أي مصلت كحدة السيف. قال تعالي: {سلقوكم بالسنةٍ حداد} [الأحزاب:١٩].

وحددت السكين: شحذتها. وأحددتها: جعلت لها حداً، ثم قيل لكل ما دق في نفسه؛ إما من حيث الخلقة وإما من حيث المعني كالبصر والبصيرة: حديد. وقوله: {إن الذين يجادلون} [غافر:٥٦] أي يعادون. تأويله أن يكونوا جعلوا بمنزله من يقاتل بالحديد ويمانع به، أو يكونوا بمنزلة من صار في حد ومن عاداه في حد آخر في المسافة، وهو أن يصير أحد الخصمين في شق والآخر في شق. ورجل محدود أي ممنوع الرزق والحظ عكس المجدود، وهو صاحب الجد كما تقدم. فهو وإن جانسه خطاً فقد فارقه لفظاً ومعنى. ولما نزل قوله تعالى: {عليها تسعة عشر} [المدثر:٣٠] تكلم أبو جهل بكلامٍ، فقال له الصحابة:"تقيس الملائكة بالحدادين" أي السجانين لما تقدم من أن السجان مانع وهو البواب.

وفي الحديث:"لا يحل لأحد أن يحد على ميت أكثر من ثلاثة أيام" أي يمنع من المأكل والتزين؛ يقال: أحدث المرأة على زوجها تحد إحداداً فهي محد. وحدت حداً فهي حاد إذا امنتعت من الزينة. والحد: نشاط النفس.

وقي الحديث:"خيار أمتي أحداؤها"، قيل: جمع حديدٍ من الحدة. وفي الحديث:"عشر من السنة؛ وذكر الاستحداد" من الحديد، وهو حلق العانة بالحديد، وغلب على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>