ومنه: البرد محسةٌ للنبت أي مهلكٌ له وذاهبٌ به ومحرقٌ له. وأصله من الحاسة وهي القوة التي تدرك بها الأعراض الحسية. والحواس: المشاعر. يقال: حسست وحست وحسيت بقلب الثانية ياءً. وأحسست وأحست بحذف أحد السينين من فعل وأفعل. قال الشاعر:[من الوافر]
٣٥٥ - سوى أن العتاق من المطايا ... حسين به فهن إليه شوس
فحسست على وجهين: أحدهما أصبته بحسي بمعنى عنته ورمقته. والثاني: أصبت حاسه نحو كبدته. وقيل: ولما كان ذلك قد يتولد منه القتل عبر به عن القتل. ومنه: جرادٌ محسوسٌ أي مطبوخٌ.
ويقال: حسست بمعنى فهمت وعلمت، لكن لا يقال إلا فيما كان من جهة الحاسة. وأما أحسسته فحقيقته: أدركته بحاستي. قوله:{فلما أحس عيسى منهم الكفر}[آل عمران: ٥٢] تنبيهٌ أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورًا بان للحس فضلًا عن الفهم، وكذلك:{فلما أحسوا بأسنا}[الأنبياء: ١٢] وقال الهروي: {فلما أحس} أي علم، وأصله في اللغة أبصر ثم وضع موضع العلم والوجود. ومنه {هل تحس منهم من أحدٍ}[مريم: ٩٨] أي هل ترى؟ وهذا تفسيرٌ للفظ ببعض مدلولاته لأن البصر من جملة الحواس الخمس. وقد قدمنا أنه ما كان عن حاسة بصرٍ كانت أو غيره. وقوله:{هل تحس منهم} هل تجد بحاستك أحدًا منهم؟
وقوله تعالى:{لا يسمعون حسيسها}[الأنبياء: ١٠٢] حركة لهبها. والحس والحسيس: الحركة. وفي الحديث:«كان في مسجد الخيف فسمع حس حية» أي حركتها، وهو أن تسمع ما يقرب منك ولا تراه. والحس: داءٌ يأخذ عند الولادة، وعن عمر أنه «مر بامرأةٍ قد ولدت فدعا لها بشربة من سويقٍ، وقال: اشربي هذا فإنه يقطع