للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوه من باب التهكُّم. وقيلَ: بل كان لها أخٌ من النَّسبِ يُسمى هارونَ. وقولُه: {وما نُريهِم من آيةٍ إلا هيَ أكبرُ مِن أُختها} [الزخرف: ٤٨] أي من الآية التي تقدَّمَتْها، وجعلها أختَها لمشاركتِها لها في الصِّحَّةِ والصِّدقِ والإبانةِ، والمعنى أنهنَّ موصوفاتٌ بالكبرِ لا يكدْنَ يَتفاوتْنَ فيهِ. وكذلك العادةُ في الأبناءِ الذين يتقاربونَ في الفضلِ، وتتفاوتُ منازلُهم فيهِ التفاوتَ اليسيرَ. ومثلُه قولُ الحماسيِّ: [من البسيط]

٣٨ - مَن تلقَ منهُمْ تَقُلْ: لاقيتُ سيِّدَهُم ... مثلَ النجومِ التي يُهدَى بها السَّاري

وقولُه: {كلَّما دخلتْ أمةٌ لعنتْ أُختَها} [الأعراف: ٣٨] إشارةٌ إلى مشاركتهم في الولاية، كقولهِ: {والذينَ كفروا أولياؤُهُمُ الطاغوتُ} [البقرة: ٢٥٧]، وقوله: {إنما المؤمنونَ إخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] إشارةٌ إلى اجتماعِهم على الحقِّ وتشارُكهم في الصِّفةِ المقتضيةِ لذلك.

وقولُهم: تأخَّيتُ كذا، أي تحرَّيتُ في الأمرِ تحرِّيَ الأخِ لأخيهِ. وتَصوَّروا معنى الملازمةِ فقالوا: أَخِيَّةُ الدابَّةِ، لِما تُربطُ به من عُودٍ وحبلٍ. وفي الحديثِ: «مَثلُ المؤمنِ والإيمانِ كمثل الفَرسِ في آخِيَّتهِ»؛ قال الليثُ: هو وَتِدٌ يُعرَّضُ في الجدارِ يُربطُ إليه. وقال الأزهريُّ: هو الحبلُ يُدفَنُ ويُخرَجُ طرفاهُ شبهَ الحلْقَةِ، والجمعُ الأَواخيُّ والأخايا، وهي فاعولةٌ.

قلت: ومثلُها وزنًا ومعنىً الآريَّةُ، وجمعُهَا الأَواريُّ في قولِ النابغةِ: [من البسيط]

٣٩ - إلا الأَواريّ لايًا ما أُبَيِّنُها

ومثلُها: الإِدْرَوْنُ والجمعُ أَدارِين.

<<  <  ج: ص:  >  >>