قوله تعالى:{أئنا لمردودون في الحافرة}[النازعات: ١٠] هذا مثل لمن يرده من حيث جاء؛ يقال: رجع فلان في حافرته، وإلى حافرته: أي في الطريق التي جاء فيها، ثم عبر به عن الرجوع إلى الحالة الأولى؛ فقوله:{في الحافرة} أي أنحيا بعد أن نموت؟ إنكارًا منهم للبعث قال الشاعر:[من الوافر]
٣٧٨ - أحافرة على صلعٍ وشيب ... معاذ الله من سفهٍ وعار
أي: أأرجع إلى حالة الصبا بعد أن شبت؟ وقيل: الحافرة: الأرض التي جعلت قبورهم، ومعناه أإنا لمردودون ونحن في القبور؟ ففي الحافرة على هذا موضع الحال، وقد حققناه. وقيل: هو من معنى قولهم: رجع الشيخ إلى حافرته، أي رجع إلى الهرم والضعف، لقوله:{ومنكم من يرد إلى أرذل العمر}[النحل: ٧٠]، وقال ابن الأعرابي: أي في الدنيا كما كنا. وقال مجاهد: أي خلقًا جديدًا. وقال الهروي: أي إلى أمرنا الأول وهو الحياة، وهو راجع إلى الأصل المذكور أولًا وفي الحديث:«إن هذا الأمر لا يترك على حالته حتى يرد إلى حافرته» أي إلى تأسيسه الأول.
وقوله:{وكنتم على شفا حفرةٍ}[آل عمران: ١٠٣] أي طرف مكانٍ محفورٍ. فحفرة كغرفةٍ؛ فعلة بمعنى مفعولة، وهي الحفيرة أيضًا، فعلية بمعنى مفعولة، فالتاء فيها شاذة كالنطيحة. والحفرة: التراب والمخرج منها كالنقض بمعنى منقوض. والمحفر والمحفار: ما يحفر به. وحافر الفرس لأنه يحفر الأرض بعدوه وقولهم:«النقد عند الحافرة» لما يباع نقدًا. وأصله من بيع الفرس، كان يقال: لا يزول حافره حتى ينقد