للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالخفف أشد.

ح ف ي:

قوله تعالى: {كأنك حفي عنها} [الأعراف:١٨٧] من قولهم: فلان حفي بخبر فلان، أي معني بالسؤال عنه. وعن مجاهدٍ: كأنك استحفيت بالسؤال عنها حتى علمتها، أي أكثرت المسألة عنها. يقال: أخفى في سؤاله وألحف وألح، كله بمعنى. قال تعالى: {إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا} [محمد:٣٧] أي يبالغ في مسألتكم. ولما اعتبر معنى المبالغة قيل: فلان حفي بفلانٍ، أي مبالغ في بره. قال تعالى: {إنه كان بي حفيًا} [مريم:٤٧] أي مبالغًا في إيصال الخير إلي. وفي الحديث: «أن عجوزًا دخلت على عائشة فسألها، فأحفى» أي بالغ في برها. وعلى هذا فما حكي أن كيسان سأل ثعلبًا عن قوله: {إنه كان بي حفيًا} فقال: بارًا وصولًا فقال: قوله: {كأنك حفي عنها} فقال: معنى هذا غير معنى ذلك. والعرب تقول: فلان حفي بخبر فلانٍ، أي معني بالسؤال عنه يبعد صحته عنهما لظهور ذلك كما تقدم من أمر المبالغة، ذاك مبالغة في البر، وهذا مبالغة في السؤال.

وقيل: الإحفاء في السؤال: التبرح في الإلحاح في المطالبة، أي في البحث عن تعرف الحال. وعلى الوجه الأول يقال: حفيت السؤال، وأحفيت فلانًا في السؤال، ومنه {فيحفكم تبخلوا}. وأصل ذلك من أخفيت الدابة، أي جعلتها حافية، أي منسحجة الحافر، والبعير: جعلته منسحج الفرسن من المشي حتى يرق. وقد حفي حفًا وحفوة، ومنه: أحفيت الشارب: أخذته أخذًا متناهيًا. وأحفيت به وتحفيت: أي بالغت في إكرامه. والحفي أيضًا العالم بالشيء. والحافي أيضًا الحاكم، يقال: تحافينا، أي تحاكمنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>