للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٨٤ - أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا

وفي الحديث: «في رأس كل عبدٍ حكمة فإن شاء أن يقدعه بها قدعه».

والحكمة من ذلك لأنها تمنع من الجهل؛ قال تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرًا} [البقرة:٢٦٩]. وأحكمته: أي منعته من الفساد. وعليه قوله تعالى: {كتاب أحكمت آياته} [هود:١] وقال الأزهري: أحكمت آياته بالأمر والنهي والحلال والحرام، ثم فصلت بالوعد والوعيد، والحاكم من ذلك لأنه يمنع الظالم من ظلمه. قوله تعالى: {سورة محكمة} [محمد:٢٠] و {آيات محكمات} [آل عمران:٧] يعني غير منسوخة؛ منعت من النسخ لمصلحةٍ علمها تعالى للمكلفين. وقيل: المحكمات: ما لا تعرض فيه شبهة من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، قاله الراغب، وفيه نظر لأن هذا الوصف بعينه موجود في المتشابه الذي هو مقابل المحكم؛ فالقرآن إما محكم وإما متشابه، كما أخبر الرب تبارك وتعالى، وكلا القسمين لا تعرض فيه شبهة من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، وقيل غير ذلك.

قوله: {يؤتي الحكمة من يشاء} [البقرة:٢٦٩]. فالحكمة: إصابة الحق بالعلم والعقل. والحكمة من الله: معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الناس: معرفة الموجودات وفعل الخيرات، وهذا هو الذي وصف به لقمان في قوله: {ولقد آتينا لقمان الحكمة} [لقمان:١٢] ونبه على جملتها. بما وصف بها؛ فإذا قيل في الله: حكيم فمعناه بخلاف إذا وصف به غيره. ومن هذا الوجه قال: {أليس الله بأحكم الحاكمين} [التين:٨] فإذا وصف به القرآن فلتضمنه معنى الحكمة نحو: {ألر، تلك آيات الكتاب الحكيم} [يونس:١] وقيل: الحكيم: المحكم نحو: {أحكمت

<<  <  ج: ص:  >  >>