للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آياته}. قال الراغب: كلاهما صحيح لأنه محكم ومفيد للحكم، ففيه المعنيان جميعًا.

والحكم مصدر حكم يحكم، ومعناه القضاء بالشيء أن يكون كذا أو ليس كذا سواء ألزمت ذلك غيره أو لم تلزمه. قال النابغة: [من البسيط]

٣٨٥ - واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمامٍ شراعٍ وارد الثمد

وقيل معناه كن حكيمًا. ويقال: حاكم وحكام لمن يحكم بين الناس، والحكم: المتخصص بذلك. وقوله تعالى: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} [النساء:٣٥] ولم يقل: حاكمًا بينهما، إذ من شرط الحكمتين أن يتوليا الحكم لهم وعليهم حسبما يستصوبانه من غير رجوعٍ إليهم في ذلك. والحكم يقال للواحد والجمع، والفرق بين الحكم والحكمة أن الحكم أعم من الحكمة، فكل حكمة حكم، وليس كل حكمٍ حكمةً؛ فإن الحكم أن يقضي بشيءٍ على شيءٍ، فيقول: هو كذا، وليس بكذا. قال عليه الصلاة والسلام: «إن من الشعر لحكمة» أي قضية صادقةً، وذلك نحو قول لبيدٍ: [من الطويل]

٣٨٦ - ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطل ... وكل نعيمٍ لا محالة زائل

وقال عليه الصلاة والسلام: «الصمت حكم وقليل فاعله» فهذا بمعنى الحكمة.

وقوله: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} [الأحزاب:٣٤] قيل: جعله حكمة، وذلك إشارة إلى أبعاضها التي تختص بأولي العزم من الرسل، ويكون سائر الأنبياء تبعًا لهم في ذلك. وقوله {يحكم بها النبيون} [المائدة:٤٤] يجوز أن يكون من الحكم أو من الحكمة المختصة بالأنبياء. وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الجنة للمحكمين» قيل: هم المختصون بالحكمة، وقيل: هو قوم خيروا بين أن يقتلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>