وجملة الأمر أن من أراد شيئًا واتفق منه غيره يقال: أخطأ، وإن وقع منه كما أراد يقال: أصاب. وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن أو أراده إرادة لا تجمل: إنه أخطأ. ولهذا يقال: أصاب الخطأ، وأخطأ الصواب، وأخطأ الخطأ. وهذه اللفظة مشتركة مترددة بين معانٍ كما ترى. فيجب على من يتحرى الحقائق أن يتأملها.
قوله تعالى:{وأحاطت به خطيئته}[البقرة:٨١]. قيل: الخطيئة والسيئة تتقاربان، لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودًا إليه في نفسه، بل يكون القصد سببًا يولد ذلك الفعل كمن رمى صيدًا فأصاب إنسانًا، أو شرب مسكرًا فجنى جنايةً في سكره. والسبب سببان، سبب كشرب المسكر وما يتولد من الخطأ عنه. وسبب غير متجاف عنه. قال تعالى:{وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به، لكن ما تعمدت قلوبكم}[الأحزاب:٥]
قوله:{ومن يكسب خطيئة أو إثمًا}[النساء:١١٢]. فالخطيئة هنا ما لا يكون قصدًا إلى فعله. وقوله:{والمؤتفكات بالخاطئة}[الحاقة:٩]. قيل: الخاطئة هنا مصدر على فاعلةٍ كالعافية، أي بالخطر العظيم، وقيل: وهو من شعر شاعر. والخطيئة يجوز ألا تكون مصدرًا فتكون نحو الغديرة بمعنى الغدر والنقيعة بمعنى النقع. والخاطئ المصيب للخطيئة. ومنه قوله تعالى:{لا يأكله إلا الخاطئون}[الحاقة:٣٧]. وقوله:{نغفر لكم خطاياكم}[البقرة:٥٨]. من الذنوب التي تعمدوا فعلها. ويجمع على خطيئاتٍ أيضًا. وقد قرئ {مما خطاياهم}[نوح:٢٥] و «خطيئاتهم» وكذلك