للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحبونه} [المائدة: ٥٤] على معنىً يليق به فكذلك الخلة. وقال أبو القاسم البلخي: هو من الخلة لا من الخلة. ومن قاسه بالحبيب فقد أخطأ، لأن الله يجوز أن يحب عبده، لأن المحبة منه الثناء. ولا يجوز أن يخاله. قال الراغب: وهذا منه تشبيهٌ فإن الخلة من تخلل الود نفسه ومخالطته كما قال الشاعر: [من الخفيف]

٤٦٩ - قد تخللت مسلك الروح مني ... وبذا سمي الخليل خليلًا

ولهذا يقال: تمازج روحانا، والمحبة: البلوغ بالود إلى حبة القلب من قولهم: حببته إذا أصبت حبة قلبه. ولكن إذا استعملت المحبة في الله فالمراد مجرد الاختيار وكذا الخلة، فإن جاز في أحد اللفظين جاز في الآخر؛ فأما أن يراد بالحب حبة القلب، وبالخلة التخلل فحاشا لله أن يراد فيه ذلك.

وقوله: {لا بيعٌ فيه ولا خلةٌ} [البقرة: ٢٥٤] أي لا يمكن في القيامة ابتياع حسنةٍ ولا اجتلابها بمودةً، وذلك إشارةٌ إلى قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: ٣٩]. وقوله: {لا بيع فيه ولا خلالٌ} فقد قيل: هو مصدر من خاللت. وقيل: هو جمعٌ. يقال: خليلٌ وأخلةٌ وخلالٌ، والمعنى كالأول، وفي الحديث: «أتي بفصيلٍ مخلولٍ» قيل: مهزول، وقال شمر: جعل على أنفه خلالٌ لئلا يرضع. والمخلول: السمين. والهزيل يقال فيه: خلًّ ومختلًّ وهذا موافقٌ لما قدمناه.

خ ل و:

قوله تعالى: {وإذا خلوا إلى شياطينهم} [البقرة: ١٤] أي انفردوا معهم. وإنما عدي بإلى لأنه ضمن بمعنى انتهى، كأنه قيل: انتهوا إليهم في خلاءٍ. وقال بعضهم: إلى بمعنى مع كقوله تعالى: {إلى أموالكم} [النساء: ٢]. وقيل: يقال: خلوت به أي انفردت أو استهزأت. فلما كان في اليابس أتي بإلى. وقال الهروي: خلوت به وإليه ومعه

<<  <  ج: ص:  >  >>