للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودمه، فيتحقق عنده تحققًا، إذا عرضت له شبهة لم يختلج لها قلبه ولم يتلعثم لها لسانه، وكان ابن عباسٍ يصف نفسه بذلك، وفصل قوله:} والراسخون في العلم {بقوله:} إلا الله {. ويقول: "أنا نم الراسخين في العلم" وصدق، وهذا منه إخبار لا تزكية رضي الله عنه، كقول نبي الله يوسف صلى الله عليه وسلم:} إني حفيظ عليم [يوسف: ٥٥] لما لم يعرف قدره أخبر بذلك تعريفًا لا تزكيًة لنفسه. ورسخ قدمه في العلم أو الجهل استعارة من ذلك. وأراد بالراسخين في العلم من وصفهم بقوله تعالى:} آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا {[الحجرات: ١٥].

ر س س:

قوله تعالى:} وأصحاب الرس {[الفرقان: ٣٨]. الرس: البئر التي لم تطو، وهؤلاء قوم قتلوا نبيهم ودسوه في رس لهم. وقيل: الرس: وادٍ. قال زهير: [من الطويل]

٥٨٧ - فهن لوادي الرس كاليد للفم

نقله الراغب، وفيه نظر من حيث أضاف الوادي إليه. وقيل: أصل الرس: الأثر القليل الموجود في الشيء، وسمعت رسًا، ووجدت رسًا من الحمى. ورس الحديث في نفسي، ورس الميت: إذا دفن وجعل أثرًا بعد عين. وفي حديث أصحاب الرس "أنهم كذبوا نبيهم ورسوه في بئرٍ" أي دسوه فيها. والرس والرسيس: ابتداء الشيء، ومنه رسيس الحمى. وقال ذو الرمة: [من الطويل]

٥٨٨ - إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح

والرس أيضًا: الإصلاح، ومنه حديث سلمة بن الأكوع: "إن المشركين راسونا" أي ابتذؤونا بالصلح. رست: أصلحت. وقال الحجاج لرجلٍ: "أمن أهل الرس والرهمسة أنت" فسره الأزهري بأنهم الذين يبتدعون الكذب ويوقعونه في أفواه الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>