وذلك لكون النفس بعض الروح، فهو كتسمية النوع باسم الجنس، نحو تسمية الإنسان بالحيوان. وجعل اسمًا للجزء الذي به تحصل الحياة والتحرك واستجلاب المنافع واستدفاع المضار، وهو المذكور في قوله تعالى:} قل الروح من أمر ربي {[الإسراء: ٨٥]} ونفخت فيه من روحي {[الحجر: ٢٩] وسمى أشراف الملائكة أرواحًا وبه سمي جبريل عليه السلام في قوله:} وكلمته ألقاها إلى مريمٍ وروح منه {[النساء: ١٧١] وذلك لما كان له من إحيائه الأموات. وسمي القرآن روحًا لما يحيا به الناس، وهو سبب في الحياة الأخروية المشار إليها بقوله:} وإن الدار الآخرة لهي الحيوان {[العنكبوت: ٦٤] والروح: التنفس، وقوله:} ولا تيأسوا من روح الله {[يوسف: ٨٧] أنه لا ييأس من روح الله، أي من رحمته وإحسانه اللذين ينفسان كل كرب. وأرواح الإنسان تنفسه، والريحان، أيضًا، ذو الرائحة، كقوله تعالى:} فروح وريحان {وقيل: الريحان: الرزق. وقيل لبعض الأعراب: إلى أين تذهب؟ فقال: أطلب من ريحان الله أي من رزقه وروي: "الولد ريحان" وذلك كنحو ما قال الشاعر: [من مجزوء الرجز]
٦٣١ - يا حبذا ريح الولد ... ريح الخزامي في البلد
أو لأن الولد رزق من الله تعالى. ومنه قوله تعالى عليه الصلاة والسلام لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه:"أبا الريحانتين أوصيك بريحانتي خيرًا في الدنيا قبل أن ينهد ركناك" فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم قال علي: "هذا أحد الركنين" فلما ماتت فاطمة قال علي: "هذا الركن الآخر"
والريح معروفة، قال الراغب: وهي فيما قيل: الهواء المتحرك. وقال: وعامة المواضع التي ذكر فيها الله إرسال الريح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب، وكل موضعٍ ذكر فيه بلفظ الجمع فعبارة عن الرحمة، كقوله تعالى:} إنا أرسلنا عليهم ريحًا