صرصرًا {[القمر: ١٩] وقوله في الجمع:} ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات {[الروم: ٤٦] انتهى. قلت: إن عنى بقوله: بلفظ الواحد من غير أن يجوز فيه الجمع فصحيح، وإن عنى غير ذلك فليس بصحيح لأنه قد قرئ في مواضع من القرآن كثيرةٍ بالإفراد والجمع في مواضع الرحمة على ما بيناه وبينا توجيه ذلك وخلاف القراء فيه في غير هذا الموضوع وجرت عادة الناس أن يقولا: الريح في العذاب والرياح في الرحمة، وهذا مردود بما ذكرته من القرآن. ويؤيدون مقالتهم هذه بقوله عليه الصلاة والسلام:"اللهم أجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا" وجوابهم أنه عليه الصلاة والسلام، أراد الريح المفرق التي لم يجمع البتة، كما نبهنا عليه آنفًا.
وأصل ياء الريح واو لقولهم، في الجمع، أرواح؛ قالت ميسون بنت بجدل امرأة معاوية:[من الوافر]
٦٣٢ - لبيت تخفق الأرواح فيه ... أحب إلي من قصرٍ منيف
وأصل رياح أيضًا رواح، ولحنوا من قال الأرياح. وقد ادعى بعضهم سماعه ولا يصح. ويستعار الريح للغلبة لقوله تعالى:} وتذهب ريحكم {[الأنفال: ٤٦] ومن كلامهم: كانت لفلانٍ الريح.
وأروح الماء: تغيرت ريحه، واختص ذلك بالنتن. وريح الغدير: أصابته الريح وأراحوا: دخلوا في الرواح. وأراح ماشيته: إذا جاء وقت الرواح. والمروحة: مهب الريح، والمروحة: الآلة التي تستجلب بها الريح. ودهن مروح: مطيب الريح. والرائحة: تروح الهواء. وراح فلان إلى أهله؛ إما لأنه ذهب ذهاب الريح في السرعة، أو استفاد برجوعه إليهم روحًا من المسرة. وفي الحديث:"لم يرح رائحة الجنة" يروى بفتح الراء وكسرها مع فتح التاء، "ترح" بضم التاء وكسر الراء، وكلها بمعنى لم يجد