أثيمٍ} الآية [الشعراء: ٢٢١ - ٢٢٢]. وضربٍ يذهب إليه بعض الأغتام، ويزعمون أنهم يقلبون صور الحيوانات بعضها إلى بعضٍ، فيقلبون الإنسان حمارًا والحمار جاريةً حسناء ولا يثبته أهل التحقيق. وقد أتينا على تقسيمه واختلاف العلماء فيه على أتم كلامٍ في كتابنا «القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز». وقد يستعار السحر للكلام المنمق المزوق؛ فيقال: سحرني بكلامه. وأطلق ذلك على الكلام من حيث إنه يغير المعاني عن مقارها إلى مقر آخر، وهو ممدوحٌ في الأشياء الحسنة شرعًا، ومذمومٌ في غيرها. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:«إن من البيان لسحرًا» قيل: ومنه سموه ساحرًا، وما جاء به السحر لأنه يصرف الناس في زعمهم من دينهم إلى دينه بحسن كلامه، وإلا فما أبعده من السحر. وقد تصور من السحر تارةً حسنه نحو:«إن من البيان لسحرًا»، وتارةً دقة فعله حتى قالت الأطباء: الطبيعة ساحرةٌ والغذاء سحرٌ، من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره. وعليه قوله تعالى:{إنما أنت من المسحرين}[الشعراء: ١٥٣] أي ممن جعل له سحرٌ تنبيهًا أنه محتاجٌ إلى الغذاء كقوله: {مال هذا الرسول يأكل الطعام}[الفرقان: ٧] وقال امرؤ القيس: [من الوافر]
ونبه بذلك على أنه بشرٌ كقوله:{إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا}[إبراهيم: ١٠]. وقيل: ممن جعل له سحرٌ يتوصل بلطفه إلى ما يأتي به ويدعيه. وقوله:{إن تتبعون إلا رجلًا مسحورًا}[الإسراء: ٤٧] يحتمل الوجهين.
قيل: وأصل السحر بالكسر مأخوذٌ من السحر بالفتح، وهو طرف الحلقوم والرئة. ومنه قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:«مات بين سحري ونحري» يعني النبي -صلى الله عليه وسلم -. وقالوا: انتفخ سحره للجبان من الخور. وبعيرٌ سحيرٌ: عظيم السحر. والسحارة: ما يلقى عند الذبح ويرمى به. وبني على فعالة كبناء النفاية والسقاطة،