للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيامة ثلاثٌ: الساعة الكبرى، وهي بعث الناس للقيامة والمحاسبة. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم -إليها بقوله: «لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش، وحتى يعبد الدرهم والدينار». فذكر أمورًا لم تكن في زمانه ولا فيما بعده مما يقرب منه.

والساعة الوسطى، وهي موت أهل القرن الواحد، نحو ما روي عنه -صلى الله عليه وسلم -، وقد رأى عبد الله بن أنيسٍ فقال: «إن يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة». فيقال: إنه آخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

والساعة الصغرى، وهي موت الإنسان؛ قيل: وهي المرادة هنا بقوله تعالى: {حتى إذا جاءتهم الساعة بغتةً قالوا يا حسرتنا} [الأنعام: ٣١] لأن من المعلوم [أن] مثل هذه الحسرة تنال الإنسان عند موته. ويجوز أن يراد القيامة. وفي الحديث: «من مات فقد قامت قيامته» وقوله: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب} [المنافقون: ١٠]. وكان -صلى الله عليه وسلم -إذا هبت ريحٌ شديدةٌ تغير لونه ويقول: «تخوفت الساعة». وكان -صلى الله عليه وسلم -يقول: «ما أمد طرفي ولا أغمضها إلا وأظن الساعة قد قامت». فهذا كله يدل على أن المراد بالساعة حين موت الإنسان، ويحتمل أن يكون ذلك منبهًا على القرب، لأن ما هو آتٍ قريبٌ لقوله تعالى: {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب} [النحل: ٧٧]. ولا ترد في القرآن إلا مرادًا بها القيامة.

وعين الساعة واوٌ بدليل قولهم: عاملته مساوعةً، نحو: معاومةً ومشاهرةً. وقولهم: جاد بعد سوع من الليل وسواع، أي هدءٍ. وتصور من الساعة الإهمال. فقيل: أسعت الإبل أسيعها، فهو ضائعٌ وسائعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>